خبيران يرصدان هشاشة جيش روسيا

0 تعليق ارسل طباعة

يرى المحللان الأمريكيان براندون فاليريانو ورايان مانيس أن روسيا بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين كانت تعتبر منذ فترة طويلة تهديدا عسكريا كبيرا، إلا أن إخفاقاتها الأخيرة، خاصة في أوكرانيا، تكشف عن واقع أضعف. ورغم التهديدات والتكتيكات الهجومية فشلت حرب روسيا الهجينة، التي تجمع بين الوسائل التقليدية وغير التقليدية.

وتساءل المحللان فاليريانو ومانيس، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، عن كيف أخطأ عدد كبير من الأشخاص في فهم نوايا فلاديمير بوتين من البداية، ولماذا لا توجد عواقب لعدم الكفاءة الجسيمة في تقييم الفعالية العسكرية، وأشارا إلى أن العديد من الأشخاص في هذا المجال لديهم مهمة واحدة، وهي أن يدرسوا ويتعلموا في ما يتعلق باستخدام روسيا الأسلحة الحديثة، ومع ذلك فهم يفشلون أحيانا في الانتباه إلى السلوك الروسي ونتائجه.

كما قال المحللان إن كتابهما القادم الذي يحمل عنوان “الحرب الهجينة الحديثة: روسيا ضد الغرب” يكشف بالتفصيل هذه الإخفاقات.

وقال فاليريانو، وهو أستاذ مساعد في جامعة سيتون هول في كلية الدبلوماسية، وزميل زائر في كلية الدفاع الملكية الدنماركية، ومانيس، وهو أستاذ مشارك في كلية الدراسات العليا البحرية، وألفا معا كتاب “الإستراتيجية السيبرانية”، والكتاب القادم “الحرب الهجينة الحديثة”، إنهما أوردا في مقال نشرته مجلة “فورين أفيرز” عام 2015 أن روسيا كانت وستظل دائما نمرا من ورق، وقوة إكراه ضعيفة لأنها غالبا ما تفشل في تحقيق أهدافها. وعام 2007 شاهد العالم روسيا وهي تهدد إستونيا، لتطلق بذلك عهد الأمن السيبراني بهجوم ضخم. ولكن هذا الهجوم كان مجرد تهديد أكثر منه حقيقة، فقد كان له تأثير محدود، وإذا كان الأمل منه هو إعادة إستونيا إلى الفلك الروسي، فقد فشل بشكل قاطع. كما أن هجوم روسيا الذي استمر خمسة أيام عام 2008 ضد جورجيا دفع الغالبية العظمي من مواطني البلد إلى الرغبة في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفقا لاستطلاع أجري عام 2023 .

وقال فاليريانو ومانيس إنه في ما يتعلق بأوكرانيا فإنه حين كانت روسيا ناجحة في الاستيلاء على شبه جزيرة القرم وإثارة صراع أهلي في دونباس، عام 2014، كانت أوكرانيا أيضا غير مستعدة لحرب تقليدية مع روسيا في ذلك الوقت. وتغير هذا عام 2022، إذ كانت أمام أوكرانيا ثمانية أعوام لإصلاح جيشها والاستعداد. وبدعم من التدريب والأسلحة والاستخبارات الغربية، وكذلك الابتكار المحلي، مثل مسيرات “إف بي في”، تمكنت أوكرانيا من صد التقدم الروسي والدفاع عن معظم أراضيها.

ويرى المحللان أن الجيش الروسي، على الجانب الآخر، أثبت أنه قوة قتال غير فعالة، إذ يعاني من الفساد وانخفاض الروح المعنوية وعدم الكفاءة وضعف القيادة، مردفين بأن الجيش الذي كان يخشاه الكثيرون أظهر أنه نمر من ورق أيضا.

وكشفت المعارك الكارثية في هوستوميل وكييف في الأيام الأولى للغزو أن الجيش الروسي لم يكن مستعدا لهذه الحرب. ومع وصول الحرب إلى طريق مسدود والغزو الأوكراني الموازي لمنطقة كورسك الروسية يواصل بوتين مضاعفة جهوده لمواصلة الحرب التي يبدو يوما بعد يوم أنه من غير الممكن أن ينتصر فيها.

وتشمل إستراتيجية روسيا الهجينة في الحرب كلا من الوسائل العسكرية التقليدية وغير التقليدية أيضا، مثل العمليات السيبرانية والمعلوماتية والحرب الإلكترونية واستخدام الطاقة كأداة للإكراه. ولم تحقق قدرات روسيا في هذه الوسائل غير التقليدية النجاح في الحرب.

وأشار فاليريانو ومانيس في تقريرهما إلى أن أوكرانيا تمكنت من مواجهة العديد من العمليات السيبرانية التي كانت تستهدف جيشها وبنيتها التحتية الحيوية، ولجأت روسيا إلى مسيرات شاهد إيرانية الصنع لتحقيق أهدافها. وفشلت عمليات التأثير الروسية الشهيرة رغم نجاحها محليا في التأثير على الصعيد العالمي، إذ لا تصدق معظم الحكومات والشعوب روايات روسيا لتبرير غزوها جارتها.

وقد تمكنت أوكرانيا باستخدام المعدات الغربية من التصدي للحرب الإلكترونية الروسية، وهو ما ساهم بفاعلية في عدم توفر أي أفضلية لروسيا في هذا المجال.

واعتبر فاليريانو ومانيس أن قدرات روسيا التي كانت تتباهي بها كثيرا على استخدام الطاقة كأداة للإكراه تعرضت لفشل كبير. وأخيرا ستتمكن أوكرانيا، التي كانت تعتمد بشكل جزئي على الغاز الروسي وكانت دولة عبور مهمة لخط أنابيب الغاز الروسي إلى أوروبا، من وقف الإمدادات بنهاية العام الجاري 2024. كما تحولت ألمانيا التي كانت تدعم باستمرار إعادة تأهيل روسيا عبر التكامل الاقتصادي إلى أوروبا الغربية، مع تحطم أحلامها بشأن خط أنابيب “نوردستريم”.

وأدركت أوروبا أنها تستطيع أن تمضي قدما بدون الغاز الروسي. ويسلط التحدي الذي تواجه قدرات الطاقة الروسية وإخفاقاتها الضوء على الفشل الكبير للحرب الهجينة الروسية.

وتساءل المحللان عما إذا كان من الممكن أن تتعافى روسيا وتشكل تهديدا لحلف “الناتو”، وقالا إن الفشل المستمر يؤدي إلى نوع من التحسن.

وستعيد روسيا تشكيل مجموعاتها القتالية، وتراجع حربها العقائدية لدراسة الإهانة المؤلمة التي وجهتها أوكرانيا للأمة. ويكمن التحدي في أن روسيا ليست قوة قتال محترفة لأنها لا تؤمن بقيم ديمقراطية، وبدلا من ذلك ستضحي بالرجال والأرواح بدون عوقب كبيرة. وتستطيع روسيا تحمل الفشل والفشل مجددا وتتحسن بشكل محدود لأن التقارير يمكن تزييفها وتجميلها؛ وأشارا إلى أن الخيار الحقيقي بالنسبة لحلف “الناتو” هو الانتباه إلى النمر الورقي على الحدود، الذي يزأر سعيا لجذب الانتباه، أو مواصلة دعم الدول الأعضاء في الحلف في ردع أي عدوان من جانب أولئك الذين لا يؤمنون بأي قيمة للسيادة التي لا تدعم الإمبراطورية الروسية الفاشلة.

واختتم فاليريانو ومانيس تقريرهما بالقول إنه “عندما نسمع النمر الورقي يزأر نبتسم ونمضي قدما إلى مشكلات أكثر أهمية في المجتمع الدولي؛ وعندما يسمع آخرون الزئير فإنهم يرتجفون وينسون أن النمر هو فأر يختبئ خلف صورة تشكل تهديدا خطيرا من دمية دب لطيف… إنه نمر من ورق حقا”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق