الزيادة في اعتمادات الجيش المغربي تتيح تقوية القدرات ومواكبة التحولات

0 تعليق ارسل طباعة

تشهد ميزانية الجيش المغربي زيادة ملحوظة ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2025، إذ بلغت أكثر من 133 مليار درهم لاقتناء وإصلاح معدات الجيش المغربي ودعم تطوير الصناعة الدفاعية، مقارنة بأكثر من 119 مليار درهم سنة 2023 و124 مليار درهم سنة 2024.

وبحسب باحثين تعكس الزيادة في ميزانية الدفاع المغربية حرص المملكة على مواكبة التحولات العسكرية الإقليمية، وتعزيز قدراتها في ظل سباق تسلح متزايد مع الجزائر. كما أن الاستثمار في الصناعة العسكرية المحلية يمثل خطوة إستراتيجية نحو تقليل الاعتماد على الاستيراد، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الدفاع.

وفي هذا الإطار شدد محمد شقير، الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية، على “ضرورة الربط بين الرفع من الميزانية بنيويا في سياسة التسلح وتسابق التسلح بين المغرب والجزائر”، مذكرا بأن الجارة الشرقية رفعت ميزانيتها في هذا الإطار من 23 مليارا السنة الماضية إلى 25 مليارا هذا العام.

وذكر شقير ضمن تصريح لهسبريس بآخر تقرير لمركز الدفاع العربي، الذي صنف الجزائر في مرتبة أولى في ما يهم مخصصات الدفاع، يليها المغرب، مشيرا إلى “جو التوتر الذي يتصاعد، وبالتالي لا بد من التهييء لمحاربة أي توتر مستقبلي أو حرب مباشرة”، وفق تعبيره.

وعلى صعيد آخر فسر الباحث ذاته الزيادة في ميزانية الدفاع المغربية بثلاثة عوامل رئيسية: “أولها كون المغرب مرتبطا بمجموعة من الاتفاقيات التي سيقتني بموجبها تجهيزات عالية الثمن، فيما عليه تأدية جزء من مبالغ اقتناء الأسلحة”.

والعامل الثاني، بحسب المتحدث، هو أنه “سيتم هذه السنة إدماج عدد كبير من العسكريين في القوات المسلحة الملكية”؛ فيما العامل الثالث مرتبط بكون المغرب “دخل بشكل مباشر في الصناعة العسكرية واستكمل الترسانة القانونية وإيجاد المناطق العسكرية، علما أن الاستثمار في هذا المجال يتطلب مخصصات مالية خاصة”، بحسبه.

من جانبه قال الشرقاوي الروداني، الخبير في الدراسات الجيو-إستراتيجية والأمنية، إن “هناك توجها للمملكة المغربية لخلق الاستقلالية الإستراتيجية، وهي مرتبطة بتعزيز القدرات الدفاعية الذاتية وتطوير صناعة دفاعية محلية؛ وهو ما يشير إليه النظام البيئى الدفاعي المرتبط في أحد أجزائه بإحداث منطقتين للصناعة العسكرية”.

وأكد الروداني، ضمن تصريح لهسبريس، أن “تطوير صناعة دفاعية محلية يعد أحد محددات إستراتيجية شاملة لتأمين حدود المملكة وتعزيز الاستقرار الإقليمي”، وأوضح أنه “لا بد من قراءة الأمر كذلك في السياقات الجيوسياسية والإستراتيجية المحيطة بالمملكة”، قائلا إن “سعي المغرب إلى تحقيق هذه الاستقلالية الإستراتيجية في مجال الدفاع من خلال تعزيز قدراته الذاتية يتطلب تطوير منظومة عسكرية تعتمد بشكل أقل على الاستيراد وأكثر على التصنيع المحلي والتكنولوجيا الوطنية”.

وأردف الخبير ذاته بأن “الأمر يدل على إدراك المغرب أهمية الاعتماد على الذات في تأمين مصالحه الوطنية والحفاظ على سيادته، خاصة في ظل التحولات العالمية التي قد تجعل من الاعتماد على قوى خارجية مخاطرة أكبر؛ وهذا يتطلب استثمارات ضخمة ومجهودا من ميزانية الدولة للبناء الإستراتيجي العسكري”.

وخلص المتحدث ذاته إلى أن “تعزيز السيادة الوطنية يتطلب الاستجابة للتحديات الأمنية بامتلاك القوات المسلحة الملكية قدرات عسكرية قادرة على أن تحقق الأهداف الإستراتيجية”.

أما على مستوى المقتنيات العسكرية فأشار الروداني إلى أن “القوات المسلحة الملكية دخلت في إستراتيجية نوعية مرتبطة بالاقتناء العسكري وفق دفتر تحملات يضمن للمغرب توطين صناعته العسكرية الدفاعية”، وزاد أن “الاستثمار في الصناعات الدفاعية يعني أيضًا الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة، سواء من خلال البحث والتطوير أو من خلال نقل التكنولوجيا من الشركاء الدوليين، وهو ما يكون له أثر على التكلفة المادية؛ فالهدف لم يعد الاقتناء والاستعمال ولكن تطوير قدرات إنتاجية وتقنية تستفيد منها الصناعات المدنية أيضًا”.

وذكر الخبير ذاته في هذا الصدد بـ”الشراكة الإستراتيجية للمغرب مع الهند في هذا المجال من خلال شركة TATA Advanced Systems الهندية المتخصصة في صناعة المركبات العسكرية؛ وعلى مستوى آخر علاقات المغرب مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي التي أصبحت تتطور بشكل كبير وتتطلب مواءمة المعدات العسكرية وخلق نقط تماس في المقومات العملياتية والقدرة على العمل البيني للقوات المسلحة الملكية وقوات حلف الأطلسي أو القوات الأمريكية”.

وشدد المتحدث على أن “الاستثمار في معدات جد متطورة تتماشى والتحديات الأمنية المحدقة بالمغرب هو ركيزة أساسية لتقوية محددات الاستقرار للأمن القومي المغربي”، مبرزا أن “حماية الأمن القومي المغربي تتطلب كذلك إستراتيجية دفاعية متعلقة بالأمن السيبراني، أمام حالة اللايقين الإستراتيجي التي يعرفها العالم في هذا المجال، وتقتضي زيادة الجهود والاستثمارات لحماية نظم المعلومات على المستوى الوطني وتعزيز قدرتها على الصمود”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق