صغار المقاولين يطالبون بحصة في "كعكة" الاستثمارات العمومية لسنة 2025

0 تعليق ارسل طباعة

جدّد صغار المقاولين مطالبهم للحكومة بتفعيل “كوطا” 20 في المائة الواردة ضمن مرسوم الصفقات العمومية لسنة 2023 في الصفقات التي سيجري إطلاقها خلال السنة المقبلة، في إطار غلاف استثماري عمومي متوقع وصل إلى 340 مليار درهم، بزيادة 5 مليارات درهم مقارنة مع السنة الجارية. يتعلق الأمر بـ”كعكة” تتقاسمها الشركات الكبرى سنويا، وفق ما أكده أرباب مقاولات صغرى ومتوسطة وصغيرة جدا، اشتكوا من إقصائهم المتواصل في الصفقات من مراحل الانتقاء الأولي، حيث بالكاد يصلون إلى التصنيف الثالث؛ بينما تستفيد الشركة الأولى من تصنيفها الأول والثاني للمنافسة على جميع طلبات العروض المنظمة.

وحمل مشروع قانون المالية 2025، قيد المناقشة في مجلس النواب حاليا، معطيات حول توزيع المجهود الاستثماري الإجمالي في القطاع العام، حيث ستحظى المؤسسات والمقاولات العمومية بـ138 مليار درهم، والميزانية العامة والحسابات الخصوصية للخزينة ومصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة (120.5 مليارات درهم)، وصندوق محمد السادس للاستثمار (45 مليار درهم)، والجماعات الترابية (21,5 مليارات درهم)، والصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة على الزلزال الذي عرفته المملكة المغربية (15 مليار درهم)؛ فيما ستهم البرامج الاستثمارية للمؤسسات والمقاولات العمومية، على الخصوص، قطاعات الطاقة والاتصالات والسكنى والفلاحة والكهرباء والماء الصالح للشرب والفوسفاط ومشتقاته وكذا الطرق السيارة والنقل الجوي والبحري والسككي.

وتهم برامج الاستثمار الممولة في إطار الحسابات الخصوصية للخزينة تعزيز الشبكة الطرقية الوطنية ودعم البرامج الخاصة بقطاعات الفلاحة والمياه والغابات والقطاع السمعي البصري والسكن والعدل والثقافة والرياضة، وكذا برامج اجتماعية وتربوية؛ فيما سيجري توجيه ميزانيات الاستثمار المرصودة للجماعات الترابية إلى تدعيم البنيات التحتية الهادفة إلى تحسين ظروف عيش السكان. وسترتكز الجهود على توسيع وتقوية شبكة التطهير وبناء المنشآت الثقافية والرياضية والترفيهية، وكذا الأسواق والبنيات العمومية وتهيئة الحدائق والمساحات الخضراء.

خسائر سنوية تتجاوز 60 مليارا

لم يحمل مشروع قانون المالية 2025 أية إجراءات عملية بخصوص تعزيز ولوج المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا إلى الصفقات العمومية، التي يرتقب أن تتناسل بوتيرة أسرع خلال الفترة المقبلة تحضيرا لاستضافة المغرب لكأس أمم إفريقيا لكرة القدم السنة المقبلة و”مونديال 2030″، علما أن هذه الفئة من المقاولات تمثل 98 في المائة من النسيج الاقتصادي وتساهم بشكل كبير في خلق فرص الشغل وتحريك عجلة الإنتاج المحلي وتلعب دورا مهما في التنمية الجهوية وتعزيز الابتكار بمختلف القطاعات؛ وبالتالي، فتقديم دعم خاص لهذه الفئة ضمن المشروع المالي الجديد من شأنه المساهمة بشكل فعال في تحسين تنافسية الاقتصاد.

عبد الله فركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، أوضح أن النصوص التطبيقية لمرسوم الصفقات العمومية لسنة 2013 ما زالت حبيسة رفوف وزارة الاقتصاد والمالية منذ أزيد من 10 سنوات.

وأكد فركي، في تصريح لهسبريس، أن مشروع قانون المالية الجديد جاء خارج سياق انتظارات صغار المقاولين الذين كانوا يمنون النفس بتدابير ملموسة تحيي هذه الفئة من المقاولات التي تعيش وضعية مالية متردية وصعوبات في الولوج إلى التمويل والقروض، خصوصا بعد تعطل برامج حكومية؛ مثل “فرصة” و”انطلاقة”.

ولفت رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة إلى أنه بالنظر إلى قيمة الاستثمارات العمومية المرصودة للسنة المقبلة، البالغة 340 مليار درهم، فخسائر المقاولات الصغرى تتجاوز 60 مليار درهم، حيث تظل محرومة من حصتها في الصفقات الخاصة بالمجهود الاستثماري.

وأضاف فركي أن بعض الوزارات والمؤسسات العمومية تضمن طلبات العروض الخاصة بصفقتها إشارة إلى حصة 20 في المائة الخاصة بالمقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا؛ إلا أن البعض الآخر لا يلتزم بهذا البند.

وفي الصدد، أوضح المتحدث ذاته أن الوضعية المالية لهذه الفئة من المقاولات في تدهور مقلق لا تبرزه الأرقام الصادرة بشأن حالات الإفلاس عن مكتب “أنفو ريسك”، الذي يحتسب الوحدات ذات الشخصية المعنوية ولا يضمن أرقامه الأشخاص الماديين الذين يمثلون النسبة الكبرى من المقاولات الصغرى والصغيرة جدا.

وأشار إلى أن المغرب يمتلك مؤسسات إحصائية رسمية ذات كفاءة عالية، على غرار المندوبية السامية للتخطيط وبنك المغرب، من شأنها تقديم العدد الحقيقي للمقاولات المفلسة، حيث يرتقب أن يصل عددها إلى 40 ألف بنهاية السنة الجارية.

تأثيرات متوقعة على التنافسية الاقتصادية

ينص مرسوم الصفقات العمومية، الذي ما زال ينتظر نصوصه التطبيقية حتى الآن، على تخصيص 20 في المائة من الصفقات العمومية لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا، بهدف تعزيز قدرتها التنافسية وضمان وصولها إلى أسواق جديدة. وكان من المتوقع أن يساهم هذا المرسوم في تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار وتنمية المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا من خلال تسهيل حصولها على الصفقات العمومية وزيادة قدرتها على الابتكار؛ إلا أن الوضع الحالي لا يحمل مؤشرات إيجابية بشأن مستقبل الفئة المذكورة من المقاولات، التي اتسعت الفجوة بينها وبين المقاولات الكبرى المستأثرة بمعظم الطلبيات العمومية مع ولوج أكبر للتمويلات.

وبالنسبة إلى رشيد قصور، خبير اقتصادي متخصص في المالية العمومية، فإن عدم ضمان “كوطا” ثابتة للمقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا في الصفقات العمومية يمكن أن يؤدي إلى نتائج سلبية على وضعيتها المالية والتنافسية؛ ذلك أن غياب فرص من أجل مشاركتها في الصفقات سيحد من نموها وتوسعها وسيؤثر سلبا على قدرتها على الاستثمار وخلق فرص الشغل.

وأكد الخبير الاقتصادي، في تصريح لهسبريس، أن المقاولات الكبرى تمتلك القدرة المالية والتقنية للاستفادة من الصفقات العمومية الكبرى؛ في حين أن نظيرتها الصغرى ستظل غير قادرة على المنافسة إذا لم تحظَ بحصة محددة في هذه الصفقات.

في السياق ذاته، أوضح المتخصص في المالية العمومية: “يتوقع أن يؤدي غياب دعم مباشر واستعجالي للمقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا خلال السنة المقبلة إلى إضعاف الاقتصاد الوطني بشكل عام، خصوصا أن هذه المقاولات تلعب دورا رئيسيا في الاقتصاد المحلي وفي خلق فرص الشغل، وخاصة في المناطق القروية”.

وشدد قصور على أن التحديات تفعيل المرسوم المحدد لـ”الكوطا” قد يتطلب جهودا كبيرة على مستوى التنظيم الحكومي؛ بما في ذلك وضع آليات واضحة وشفافة لتوزيع الصفقات، وضمان عدالة الحصول عليها من قبل المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تواجه صعوبة في الحصول على التمويل اللازم لتنفيذ المشاريع التي يمكن أن تحصل عليها من الصفقات العمومية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق