الرباط عاصمة عالمية للكتاب .. احتفاء "اليونسكو" ينتظر حركية ثقافية شاملة

0 تعليق ارسل طباعة

أعلنت منظمة اليونسكو العاصمة المغربية الرباط عاصمة عالمية للكتاب عام 2026، لتكون بذلك العاصمة الرابعة المتحدثة باللغة العربية التي تحظى بهذا الاختيار، السادسة والعشرين عالميا.

وجاء اختيار الرباط، وفق اليونسكو، بعد مدريد سنة 2001، والإسكندرية سنة 2002، ونيودلهي سنة 2003، وأنتويرب سنة 2004، ومونتريال سنة 2005، وتورينو سنة 2006، وبوغوتا سنة 2007، وأمستردام سنة 2008، وبيروت سنة 2009، وليوبليانا سنة 2010، وبوينس آيرس سنة 2011، ويريفان سنة 2012، وبانكوك سنة 2013، وبورت هاركورت سنة 2014، وإنتشون سنة 2015، وفروتسواف سنة 2016، وكوناكري سنة 2017، وأثينا سنة 2018، والشارقة سنة 2019، وكوالالمبور سنة 2020، وتبليسي سنة 2021، وغوادالاخارا سنة 2022، وأكرا سنة 2023، وستراسبورغ سنة 2024، وريو دي جانيرو سنة 2025.

الرباط عاصمة عالمية للكتاب

في الإعلان الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم قالت أودري أزولاي، المديرة العامة لليونسكو، إن اختيار الرباط عاصمة عالمية للكتاب لعام 2026، قد جاء “بناء على توصية اللجنة الاستشارية للعاصمة العالمية للكتاب (…) إذ تتقاطع في الرباط طرق الثقافة حيث تساعد الكتب على نقل المعارف والفنون بجميع أشكالها. ويضطلع قطاع الكتب المتنامي أيضاً بدور أساسي في النهوض بالتعليم، وتنسجم هذه الأنشطة مع ولاية اليونسكو”.

وتابعت المديرة العامة للمنظمة الدولية: “تضم الرباط 54 دار نشر، وثالث أكبر معرض دولي للكتاب والنشر في إفريقيا، وعدداً متزايداً من المكتبات، وليس قطاع الكتب في الرباط جزءاً حيوياً من الاقتصاد الإبداعي لهذه المدينة وحسب، وإنما هو في طليعة الجهات التي تعمل على تعميم المعرفة”.

وذكرت المنظمة أنها قد اختارت الرباط بناء على توصية “اللجنة الاستشارية للعاصمة العالمية للكتاب”؛ “تكريماً لالتزامها الجليّ بتطوير الأدب، وتمكين المرأة والشباب من خلال القراءة، ومكافحة الأمية، ولا سيما في المجتمعات التي تنقصها الخدمات”.

ثم أردفت قائلة: “سوف تستهل الرباط، باعتبارها العاصمة العالمية للكتاب لعام 2026، سلسلة من المبادرات الرامية إلى تحفيز نمو اقتصادي مطرد وتعزيز الفوائد الاجتماعية من خلال تعزيز فرص الحصول على الكتب ودعم قطاع النشر المحلي. وسوف تستهل المدينة بصورة خاصة مبادرة كبرى لتعزيز إجراءات محو الأمية على نحو يعود بالفائدة على جميع مواطنيها”، علما أن المدينة التي تختارها اليونسكو عاصمة عالمية للكتاب “تتعهد بترويج الكتب والقراءة بين صفوف الفئات العمرية والسكانية كافة، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، فضلاً عن تنظيم برنامج من الأنشطة على مدار العام”.

ثقة وفرصة

قال بيت الشعر في المغرب إنه قد تلقّى “بغبطة نبأ اختيار المنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) مدينة الرباط عاصمة عالمية للكتاب لعام 2026″، مضيفا أن هذا القرار قد جاء “ليؤكّد، من جهة، ثِقة المجتمع الدّولي في بلادنا كأرض للحوار الثقافي والإنساني، وليرسّخ، من جهة ثانية، المكانة الثقافية التي باتت تحظى بها مدينة الرباط كحاضرة للفكر والإبداع، وهو ما خول لها أن تُدرج سنة 2012 في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وتكون عاصمة للثقافة العربية (2003) وعاصمة للثقافة الأفريقية (2023)”.

وتابعت الهيئة التنفيذية لـ”البيت” أنه مع الاعتزاز “بهذا الاختيار الذي جاء ليُثمّن الدينامية التي أطلقتها بلادنا، وخصوصا وزارة الشباب والثقافة والتواصل”، فإنها تتطلّع، إلى جانب كافّة مُكوّنات الحقل الثقافي الوطني، من كُتّاب وناشرين وقرّاء ومؤسسات ثقافية، إلى “جعْل هذه المناسبة فُرصةً لتعزيز مكانة الكِتاب كحاملٍ للمعرفة وعنوانٍ للرقيّ والتقدم الإنساني، عبر تسطير برنامج ثقافي على مدى سنة 2026 تكون له القدرة على تقديم إرث مدينة الرباط وتراثها إلى العالم وإبراز دورها الحضاري العريق، على أنْ يتم ذلك تحت إشراف لجنة عليا تُشكّلُ لهذا الغرض، ووفق مُقاربة تشاركية تُدمج كافّة أطياف مشهدنا الثقافي، وتستحضرُ الخبرات الثقافية الرفيعة والكفاءات الوطنية ذات الصّلة بمجالات القراءة العمومية وصناعة الكتاب”.

كما نادى بيت الشعر بـ”الحرص على أن يحظى الشّعر بحيّز أساسي ضِمن برنامج فعاليات هذه السنة، التي نريدُها أن تكون البوّابة التي تجعلُ مدينة الرباط عاصمةً دائمة للثقافة والفِكر والأدب والعلوم، وبؤرةً لإشعاع الكِتاب وانتعاش القِراءة العمومية خاصّة في أوساط الأطفال والشباب”.

رمزية تتطلّب المواكبة

في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال المؤرخ والفاعل الثقافي امحمد جبرون إنه قد تلقى نبأ إعلان الرباط عاصمة عالمية للكتاب سنة 2026 “بسرور” واعتبرها “إشارة إيجابية جدا”، مضيفا: “تابعتُ من بعيد تهيئة وإعداد الملف المقدم لليونسكو، من أجل اختيار الرباط، وكان لنا هذا الأمل”.

وواصل جبرون: “هذه التفاتة إيجابية، رمزية، مهمة جدا، نتمنى أن تكون صفحة جديدة وانطلاقة جديدة في السياسات العمومية، خاصة من وزارة الثقافة، للاهتمام بالكتاب وإعادة الاعتبار إليه بوصفه رأسمالا رمزيا لا ماديا للمغرب الحضاري والثقافي الذي من أسسه الكتاب”.

ثم استرسل قائلا: “هذا حدث مهم واختيار إيجابي جدا من جهة، ومن جهة أخرى نتمنى أن تواكبَ الاختيار مجموعة من الأنشطة والفعاليات التي من شأنها إعادة الاعتبار للكتاب والكُتّاب وإبراز الوجه الآخر للمغرب، وفيما يتعلق بما يمثّله الكتاب من رمزية، خاصة في الإعلام الثقافي، ووسائل الإعلام الرسمية السمعية البصرية، لأن الكتاب لا يحضر بالقوة والكثافة التي يجب أن يحضر بها، ونتمنى أن تكون هذه سنة للكتاب وإعادة الاعتبار للكُتّاب”.

فرصة لتشجيع القراءة

في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال الناقد والإعلامي الطاهر الطويل إن اختيار الرباط عاصمة عالمية للكتاب، “إقرار واعتراف بأهمية الشأن الثقافي، وما يبذل في المغرب عامة، لا سيما على مستوى إنتاج وصناعة الكتاب، وفي العاصمة خاصة، وهو إقرار بالجهود والسمعة التي تتميز بها الثقافة المغربية، والكتاب المغربي، وأثرهما في حقل التأليف عربيا وإقليميا وعالميا”.

ورأى المصرح في هذا الإعلان “فرصة من أجل الاهتمام أكثر بالبنيات التحتية الثقافية لإيلائها اهتماما أكبر، بتعزيز البنيات الثقافية بالرباط خاصة، وفي جوارها، والمغرب بشكل عام”، علما أنه “توجد مؤسسات وحركة مدنية مهمة، خاصة لبيت الشعر وشبكة المقاهي الثقافية، وهذه فرصة لإعطاء نفس جديد وأقوى لهذه المؤسسات والبنيات، وفرصة للالتفات إلى المعرض الدولي للنشر والكتاب على مستوى البنيات وطرق التنظيم ليتوفر للرباط رواق ضخم، مثلما هو موجود في الدار البيضاء، لاحتضان المعارض الجهوية والمتخصصة، إضافة إلى ما يمكن أن يقام في هذا الرواق الضخم المأمول من أنشطة عبر السنة”.

وذكر الطويل أن هذه ليست فقط مسؤولية وزارة الشباب والثقافة والتواصل، بل أيضا “مسؤولية المؤسسات المنتخبة من مجلس الجهة والمجالس المحلية والجهات، المدعوة لتوفير هذا الفضاء الضخم لاحتضان الأنشطة”.

هذا الموعد يطمح أن يكون أيضا، حسب التصريح ذاته، “فرصة لتشجيع القراءة العمومية، في مسؤولية عرضانية تلتقي فيها العديد من القطاعات الحكومية، من وزارة الشباب والتربية الوطنية، والجمعيات المدنية من أجل تحفيز ناشئتنا من فتيان وشباب وأطفال على الإقبال على الكتاب والقراءة، ورصد جوائز للفائزين والمقبلين على المبادرة استلهاما لبعض التجارب العربية لتشجيع الفتيان والفتيات والشباب على القراءة والإقبال عليها، مع التعريف بجهود الكتّاب المغاربة ومنجزاتهم المكرمة عربيا ودوليا”.

وختم الطاهر الطويل تصريحه لهسبريس بالقول: “آمل أن تكون سنة 2026 فرصة لحركية ثقافية شاملة، تعيشها العاصمة العالمية للكتاب، ومدن الجهة، ولم لا يمتد إشعاعها إلى مختلف المدن المغربية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق