المناوشات الكلامية البرلمانية تسائل حقيقة الممارسات السياسية في المغرب

0 تعليق ارسل طباعة

شهدت أول جلسة للأسئلة الشفهية بمجلس النواب خلال الدورة الحالية مشادة كلامية بين عدد من النواب ورئيس الجلسة، مما يثير تساؤلات حول جدية العمل داخل هذه المؤسسة الدستورية.

وأكد باحثون أن “المشادات الكلامية” في مواضيع لا تعني المواطنين، تسهم بشكل كبير في “ضياع الزمن التشريعي”، خاصة أن الدورة الحالية تتضمن مشاريع مهمة.

وفي هذا السياق، قال رشيد لزرق، محلل سياسي رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، إنه “في الوقت الذي دعا فيه الملك محمد السادس إلى التحلي بالجدية في الحياة والعمل، وتوسيع هذه الجدية لتشمل جميع المجالات السياسية من خلال خدمة المواطن واختيار الكفاءات وتغليب المصالح العليا، لا تزال الممارسة السياسية لم تواكب المرحلة الدقيقة التي تمر بها بلادنا، إذ تطغى التكتيكات السياسية التي تؤثر على فعالية المؤسسات وتُهدر الزمن التشريعي المطلوب لمناقشة القضايا الجوهرية وصياغة التشريعات الفعالة”.

وأضاف لزرق، في تصريح لهسبريس، أن “النخب البرلمانية لا تزال تمتهن النقاشات العقيمة التي تضر بمصالح المواطنين وتُستغل لتحقيق مزايدات سياسية تخدم مصالح ذاتية، مما يضيع الزمن التشريعي ويؤخر المداولات، الأمر الذي يقتضي أحيانا تعليق الجلسات أو رفعها”.

وأشار المتحدث إلى أن “تراكم الملفات وهدر الزمن التشريعي يؤدي إلى إصدار قوانين تفتقر إلى الدراسات اللازمة وتعاني من نقص في الجودة، مما يكشف محدودية مؤسسة البرلمان ويضعف ثقة المواطنين في أداء ممثليهم”.

كما أكد لزرق أن “ما ينقصنا هو نخبة سياسية وطنية تهتم بمستقبل الأجيال القادمة بدل التركيز على المصالح الآنية والانتخابات المقبلة لتحقيق مآرب شخصية وعائلية ضيقة”، مشددا على أن “المرحلة تتطلب نخبا وطنية واعية ومسؤولة تضع الوحدة الوطنية فوق كل الاعتبارات الانتخابوية”.

من جانبه، قال حفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، إن “الأصل في العملية السياسية أن يدافع كل حزب عن أفكاره وتصوراته وفق تقديرات سياسية محددة”.

وأوضح اليونسي، في تصريح لهسبريس، أن “التدافع السياسي قد يتخذ أحيانا شكل جدال حاد ومشادات، وهو أمر مألوف في التجارب الديمقراطية، بشرط أن يكون هدفه تحقيق المصلحة العامة والدفاع عن الناخبين”.

وأضاف أن “العمل البرلماني قد ينزاح عن هذا الهدف النبيل نحو تبخيس البرلمان في إطار شعبوية متزايدة، مما يظهر البرلمان بعيدا عن وظائفه الدستورية وهموم المواطنين”.

وشدد اليونسي على أن “حساسية المرحلة الراهنة والتحولات الدولية، خصوصا ما يتعلق بوحدتنا الترابية، تتطلبان انخراطاً جاداً من البرلمان لتعزيز الجبهة الداخلية”، وأكد أن “تجنب هدر الزمن التشريعي وقيام البرلمان بدوره الفاعل، أمر مرتبط بجودة النخب التي تشكل محور العمل البرلماني”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق