الترافع عن قضية الصحراء المغربية يسائل أداء مجموعات الصداقة البرلمانية

0 تعليق ارسل طباعة

ما تزال دعوة الملك محمد السادس في خطاب افتتاح الدورة الخريفية من السنة التشريعية الرابعة نوابَ ونائبات الأمة إلى الاضطلاع بمسؤوليتهم في دعم مسار مراكمة المغرب للإنجازات على مستوى قضيته الوطنية، من خلال الالتزام بتفعيل “الدور الفاعل للدبلوماسية الحزبية والبرلمانية في كسب المزيد من الاعتراف بمغربية الصحراء، وتوسيع الدعم لمبادرة الحكم الذاتي”، تستأثر بحيز هام من النقاش بين المتتبعين للشأن البرلماني الذين يتفقون على أن إحدى الآليات الرئيسية لتنزيلها هي مجموعات الصداقة البرلمانية بين المؤسسة التشريعية المغربية ونظيراتها الأجنبية.

غير أن الباحثين الذين تحدثوا لجريدة هسبريس الإلكترونية يختلفون بشأن مدى اضطلاع هذه المجموعات بدورها في الترافع عن قضية الصحراء المغربية حتى الآن؛ إذ يذهب بعضهم إلى أنها لا تسير بوتيرة سريعة تواكب التقدم الذي تحرزه الدبلوماسية الرسمية في هذا الباب، بالنظر إلى كون بعضها شبه “جامدة” ولا يقوم برلمانيوها المغاربة لا بزيارة الجانب الأجنبي منها ولا استقباله، وكذا بالنظر إلى كون أعضائها يختارون بناء على منطق المحاصصة بين الفرق البرلمانية لا الكفاءة والخبرة بقضية الصحراء أو حتى بإلمام النائب بجوانب علاقات المغرب مع الدولة التي هو عضو في مجموعة الصداقة البرلمانية معها، في حين يتمسك طرف آخر بأن “دعوة الملك تنطوي على رسالة ضمنية بأن الهدف ليس الكم بل الكيف والنجاعة والتأثير، وهو ما يقتضي رقي البرلمان بتكوين أعضاء هذه المجموعات في ملف القضية الوطنية، واعتماد الأحزاب بدورها معيار المعرفة والإلمام بالملف في منح التزكية لمرشحيها.

جدير بالذكر أن عدد مجموعات الصداقة بين مجلس النواب المغربي وبرلمانات الدول من مختلف القارات، خلال الولاية التشريعية الحالية، يصل إلى 136 مجموعة صداقة.

“وتيرة بطيئة”

عبد الحفيظ الزهري، أستاذ العلوم السياسية، سجّل أن “أداء الدبلوماسية البرلمانية المغربية ما زال دون المستوى المطلوب، وهي تسير بوتيرة بطيئة على مستوى الترافع عن قضية الصحراء المغربية مقارنة بالدبلوماسية الرسمية التي يقودها الملك محمد السادس”، معتبرا أن “العاهل المغربي بعث رسالة واضحة في خطابه الأخير، مفادها أن هذا الترافع مسؤولية جميع المؤسسات وعلى رأسها البرلمان الذي يمتلك آليات مهمة للقيام بهذا الدور، أهمها مجموعات الصداقة البرلمانية”.

وأضاف الزهري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “غالبية هذه المجموعات تبدو وكأنها شبه مجمدة؛ بحيث قليلا ما تستقبل زيارات لأعضاء برلمانات الدول الأجنبية، أو توفد برلمانيين مغاربة للقاء نظرائهم الأجانب، ما يضع الرهان عليها في الدفاع عن الطرح المغربي لتسوية النزاع المفتعل في الأقاليم الجنوبية وبسط الحقائق التاريخية والحجج القانونية والسياسية المؤكدة على مغربية الصحراء”. وأردف بأن “هذا الوضع ينطبق أساسا على مجموعات الصداقة مع برلمانات الدول الإفريقية والدول الآسيوية الكبرى كالهند والصين، بالإضافة إلى دول شرق آسيا”.

وأكد أستاذ العلوم السياسية أنه “في المقابل، سجلت خلال السنوات الثلاث من الولاية التشريعية الحالية تحركات مهمة ومكثفة لمجموعات الصداقة مع دول أمريكا الجنوبية، ساهمت في إحداث تغييرات كبيرة في مواقف هذه الدول من القضية الوطنية؛ بحيث باتت تؤكد على مغربية الصحراء وتدعم مخطط الحكم الذاتي، بعدما كانت معروفة بكونها إحدى قلاع دعم الحركة الانفصالية والتماهي مع مواقف خصوم وأعداء الوحدة الترابية للمملكة”، موردا أن “وتيرة لقاءات مجموعات صداقة البرلمان المغربي مع دول الخليج تبقى عادية، وهو أمر منطقي بالنظر إلى أن هذه الدول لديها قبلا مواقف متقدمة وثابتة داعمة لمغربية الصحراء”.

وذكر الزهري أن “أحد الأسباب التي تعوق تأدية العديد من المجموعات البرلمانية لمهامها الترافعية، يتمثل في كون جزء مهم من أعضائها لا يتمتعون بخلفية معرفية سياسية قوية بعلاقة المملكة مع دولة البرلمان الذي ينتمون إلى مجموعة الصداقة معه من جهة، وبجميع خبايا ومعطيات ملف قضية الصحراء من جهة ثانية، بالنظر إلى أن اختيارهم عضوية هذه المجموعات يحتكم إلى مبدأ المحاصصة بين الفرق البرلمانية فقط”.

من هذا المنطلق، أشار المحلل السياسي ذاته إلى أن “دعوة الملك محمد السادس إلى اعتماد معايير الكفاءة والاختصاص والإلمام بمختلف الدفوع المغربية وكذا قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بقضية الصحراء المغربية، تفرض على البرلمان المغربي تغيير طريقة التعيين داخل هذه المجموعات خلال الولاية التشريعية المقبلة، ورصد ميزانية لتكوين أعضائها الحاليين ووضع خبراء وباحثين قانونيين وسياسيين مختصين في القضية الوطنية رهن إشارتهم من أجل توجيههم في حال اقتضت الحاجة ذلك خلال اللقاءات والمحافل الدولية مثلما هو معمول به في برلمانات الدول الأوروبية”.

“العبرة ليست بالكم”

سجّلت مريم أبليل، باحثة في الشأن البرلماني، أن “البرلمان المغربي يسير بوتيرة ممتازة على مستوى ممارسته الدبلوماسية البرلمانية، ويظهر ذلك من خلال كثرة اللقاءات والاجتماعات التي تجمع رؤساء ونواب الغرفتين ببرلمانيي العديد من الدول، وكذا عقد عدد مهم من لقاءات مجموعات الصداقة البرلمانية، سواء بالمغرب أو بالدول الأجنبية، وعلى رأسها الإفريقية”، مستدركة بأن “الإشكال هو في غياب المبادرة الكافية من قبل النواب والمستشارين، بالنظر إلى أن ممارسة الدبلوماسية البرلمانية التي هي اختصاص تكميلي وليس أصيلا للمؤسسة التشريعية، تتطلّب قيادة موحدة ومعطيات دقيقة واطلاعا معمقا على الملفات الرئيسية للدبلوماسية المغربية، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية”.

وأضافت أبليل، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الملك محمدا السادس من خلال تشديده على ضرورة انتقاء البرلمانيين الأكفاء وذوي الاطلاع الجيد على ملف قضية الصحراء المغربية من أجل الترافع عنها على مستوى اللقاءات الثنائية، وضمنها تلك الخاصة بمجموعات الصداقة البرلمانية، أو على مستوى المنتديات والمؤتمرات الدولية والإقليمية، إنما هو يبعث ضمنيا برسالة مفادها أن الرهان في هذا السياق ليس على الكم بل على مستوى تأثير ونجاعة وإنتاجية الدبلوماسية البرلمانية المغربية”.

وشددت الباحثة في الشأن البرلماني على أن “بلوغ هذه النجاعة والتأثير، يتطلب من البرلمان تكثيف الدورات التكوينية والدلائل حول قضية الصحراء المغربية أساسا من أجل تمكين النواب والمستشارين من جميع المعطيات والحقائق والحجج التاريخية والقانونية والسياسية التي تساعدهم في الترافع عن مغربية الصحراء، سواء في لقاءات مجموعات الصداقة البرلمانية أو غيرها، مردفة بأن “المسؤولية ملقاة على عاتق الأحزاب السياسية أيضا، فهي ملزمة بتزكية مرشحين أكفاء وذوي خبرة وتكوين كبيرين يؤهلانهم للترافع عن هذه القضية وأداء مختلف الأدوار البرلمانية الأخرى على أحسن وجه”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق