الجزائر تتحين فرصة الانقسام الليبي لخلق "تكتل مغاربي" بمنأى عن الرباط

0 تعليق ارسل طباعة

من المرتقب أن يجتمع كل من قيس سعيد، رئيس تونس، ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون، إضافة إلى محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، في ليبيا خلال الأيام المقبلة، في إطار المبادرة التي أطلقتها الجزائر بهدف خلق تكتل مغاربي ثلاثي يستبعد المملكة المغربية وموريتانيا، حسب ما أفاد به بيان للرئاسة الجزائرية على هامش زيارة قادت المنفي، هذا الأسبوع، إلى الجزائر.

وأعلن الرئيس الجزائري، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي، أن البلدان المعنية على وشك اللقاء في ليبيا في إطار اللقاءات الثلاثية، فيما قال المنفي إن “هذه الاجتماعات الثلاثية نريد لها أن تستمر وأن تكون منهاج عمل، سواء على مستوى القمة أو على مستوى اللجان”.

ورغم توضيح بعض الأطراف، خاصة في ليبيا، أن هذه اللقاءات تهدف فقط إلى مناقشة القضايا الأمنية المشتركة وليست موجهة ضد أي دولة، إلا أن العديد من المهتمين يؤكدون أن المغرب وموريتانيا معنيتان بدورهما بهذه القضايا، كونهما جزءا لا يتجزأ من الفضاء المغاربي ودولتين فاعلتين فيه، مشيرين إلى محاولة الجزائر استغلال الانقسام السياسي في ليبيا للضغط على بعض الأطراف لقبول فكرة هذا التكتل البديل الذي يسعى لمحاصرة المغرب وإبعاده عن الشأن المغاربي.

وفي هذا السياق، قال إدريس أحميد، محلل سياسي ليبي، إن “المجلس الرئاسي الليبي سبق أن عبر عن موقفه من مبادرة إنشاء تكتل مغاربي ثلاثي يستبعد المغرب وموريتانيا، غير أن الحديث مجددا عن هذه الفكرة يطرح العديد من التساؤلات”، مضيفا أن “تبرير تشكيل هذا التكتل بأسباب أمنية تتعلق بضبط الحدود، لا يستقيم؛ لأن الرباط ونواكشوط معنيتان أيضا بقضايا المنطقة”.

وأوضح أحميد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المبادرة الجزائرية المتعلقة بهذا التكتل تتناقض مع دعوات الجزائر لإحياء اتحاد المغرب العربي، وبالتالي على الجزائر مراجعة سياساتها في المنطقة وعدم استغلال الأزمة الليبية للضغط على الأطراف السياسية لصالحها”.

وأكد المحلل السياسي ذاته أن “الجزائر يجب أن تبقى على مسافة واحدة من جميع الأطراف الليبية. على سبيل المثال، استغربنا عدم رضا الجزائر عن تحركات الجيش الليبي لتأمين الحدود”. وأضاف أن “فكرة إنشاء تكتل مغاربي بديل تحت أي غطاء لن تنجح، لأنها فكرة وُلدت ميتة ولا يمكنها إلغاء الجغرافيا أو إلغاء اتحاد المغرب العربي الذي يضم الدول الخمس. المنطقة المغاربية لا تحتمل المزيد من الانقسامات”.

وأشار إلى أن “الجزائر يجب أن توضح الأهداف الحقيقية من وراء هذه اللقاءات الثلاثية، كما يجب أن تفهم أن المجلس الرئاسي الليبي هو مجلس مؤقت انتهت صلاحيته، وأي اتفاق يضر باتحاد المغرب العربي سيظل مجرد حبر على ورق. ليبيا اليوم في مرحلة انتقالية، وأي اتفاق من هذا النوع لن يُنفذ، خاصة مع وجود مؤسسة البرلمان التي سترفض بكل تأكيد هذا الأمر”.

من جهته، قال مصطفى رحاب، أستاذ جامعي ليبي باحث في الشأن السياسي، إن “كلاً من الرئيس الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي الليبي ينطبق عليهما المثل القائل: تمسك غريق بغريق، لأنهما لا يملكان زمام الأمور في بلديهما، فكيف يمكن التوجه إلى تأسيس تكتل ثلاثي تتزعمه الجزائر؟ الواضح أن الهدف هو إبعاد المغرب عن الشأن المغاربي، وخاصة عن الشأن الليبي”.

وأضاف الأكاديمي الليبي أن “هذه المحاولة الجزائرية تهدف أيضا إلى افتعال الأزمات للهروب من تردي الأوضاع في كل من تونس والجزائر، ومحاولة استغلال الوضع في ليبيا للالتفاف على دور المغرب في جمع الفرقاء الليبيين بعيدًا عن الأهداف الشخصية التي يتسم بها تدخل تبون في هذه المسألة”.

وشدد المتحدث لهسبريس على أن “التحركات الجزائرية تهدف، للأسف، إلى عرقلة الاتحاد المغاربي وتفتيت الجهود الرامية إلى إحيائه”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق