حملة "لا للنساء في المدرجات".. حقوقيات ينتقدن مصادرة ولوج المغربيات للملاعب

0 تعليق ارسل طباعة

بسيل من الانتقادات قابلت ناشطات حقوقيات الحملة التي غزت منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية، الداعية إلى منع النساء المغربيات من دخول ملاعب كرة القدم، رافعةً شعار “لا للنساء في المدرجات..شد اختك في الدار”، وذلك تزامنا مع انطلاق مباريات التصفيات المؤهلة لكأس أمم إفريقيا 2025، التي من المرتقب أن تشد إليها اهتماما ومُتابعة واسعة من لدن المواطنين المغاربة.

وعدّت ناشطات تحدثن لهسبريس أن هذه “الحملة تنطوي على الدعوة إلى مصادرة حق المرأة في ولوج فضاء عام هو ملك للجميع، رجالا ونساءً”، وذلك “انتفاضا على تكرس ثقافة الحُضور داخل مدرجات الملاعب لدى قطاع واسع من النساء المغربيات غداة كأس العالم في قطر 2022″، مُعتبرات أن “هذه الدعوات تُجافي الواقع الذي يقول من جهة إن هناك اهتماما على أعلى المستويات بجعل الرياضة المغربية تنخرط في تقليص الفوارق بين الجنسين، تجلى أساسا في الاستقبال الملكي لأمهات اللاعبين عقب التظاهرة العالمية ذاتها، ومن جهة ثانية في تغير عقليات النساء المغربيات وتوجههن أكثر نحو رفض منطق الوصاية عليهن”، بتعبيرهن.

“انتفاض ضد تراكمات”

أمينة التوبالي، عُضو ائتلاف “المناصفة دبا”، أوضحت بدايةً أن “حضور النساء المغربيات بمدرجات الملاعب ظلّ ضعيفا ومحتشما منذ نيل المغرب استقلاله نتيجة تضافر عدم تهيئة الجهات الوصية هذه الملاعب لتستوعبهن، ورفض الأمر من قبل العديد من الأسر المغربية”، مُبرزة أن “المنعطف في هذا السياق حملته فعاليات كأس العالم قطر 2022؛ إذ حضرت النساء المغربيات بقوة في المقاهي والفضاءات العمومية لمُتابعة مباريات المنتخب المغربي لكرة القدم في هذه التظاهرة، فتكرّست لدى نسبة كبيرة منهن بعد ذلك ثقافة الدخول إلى المدرجات لمتابعة مباريات كافة المنتخبات المغربية والأندية الوطنية”.

وعدّت التوبالي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا التطور هو ما ساهم في إعادة هذه الحملات الرقمية التي هي نتاج تصورات وأفكار نمطية وبائدة عن المرأة المغربية، مازالت حاضرة لدى نسبة مهمة من أفراد المجتمع المغربي”، مُعتبرة أن “هذه الحملة هي بصدد مصادرة حق النساء المغربيات في ولوج الفضاء العمومي، الذي ضمنه الدستور والقوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب للقضاء على التمييز ضد المرأة”.

“توجه الحملة بالخطاب أساسا إلى الذكور أساسا ينطلق من تصور يرى استمرار قدرة هؤلاء على فرض وصايتهن على أخواتهن، وهو تصور ينقضه الواقع الذي يقول إننا بصدد بيئات ثقافية وعقليات جديدة للنساء المغربيات تجعلهن يتمسكن بحريتهن واستقلاليتهن في اتخاذ القرارات التي تهمن حصرا”، تقول الناشطة النسائية ذاتها، وتابعت: “الرياضة النسائية تطورت، فالمُنتخب المغربي للسيدات يواصل البصم على أداء استثنائي في كل التظاهرات الإقليمية والدولية، ثم ها هو المغرب مقبل على تنظيم كأس العالم للسيدات (أقل من 17 سنة) سنة 2025… هل يريد هؤلاء أن يستفرد الرجال بتشجيع اللاعبات دون النساء المغربيات؟”.

وحذرت الحقوقية ذاتها من أن “هذه الحملات التي تنطوي على عنف إلكتروني ضد المرأة هي بمثابة تحريض وتجييش للذكور المغاربة قد يؤدي إلى تعريض النساء المغربيات الراغبات في ولوج مدرجات الملاعب للتعنيف من قبلهم، بل إلى إلحاق العنف بمن يتمكن من دخول هذه الفضاءات”.

وختمت عُضو “ائتلاف المناصفة دبا” بأن “بقاء النقاش العمومي مُنحصرا في مسائل ترتبط بالتضييق على النساء المغربيات يسيء إلى صورة المملكة المغربية؛ والأحرى توجيه هذا النقاش للترافع والنضال، سويةً، نساء ورجال، من أجل الدفاع عن الحقوق الأساسية وتعزيز العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق بشتى أنواعها، بما يضمن تنمية اقتصادية واجتماعية يستفيد منها الجميع”، بتعبيرها.

“دفع نحو الوراء”

نجية تزورت، رئيسة “الرابطة إنجاد ضد العنف” وعُضوة المكتب التنفيذي لفيدرالية رابطة حقوق النساء، رفضت “مُحاولة هذه الحملة العودة بالمغرب إلى الوراء، وهو الذي سنّ تشريعات مهمة واتخذ إجراءات عديدة مكنت من مُحاصرة التمييز ضد المرأة في جميع المجالات، وعلى رأسها ولوج الفضاءات العمومية”، مُوردة أن “مطلقي ومُؤيدي هذه الحملة يبدو أنهم لم يلتقطوا الرسالة القوية التي بعثها الملك محمد السادس من خلال استقباله لاعبي المنتخب المغربي رفقة أمهاتهن، عقب الأداء المشرف للمنتخب في مونديال قطر 2022”.

تزورت ذهبت بدورها، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “هذه الحملة نتيجتها صفرية مسبقا؛ بالنظر إلى أن طبيعة حُضور المرأة داخل الأسرة المغربية ومكانتها فيها تغيرت، وهي باتت تستفرد بقراراها بعدما تمكنت من تقوية ثقافتها وتحقيق استقلاليتها المادية بولوج مجموعة من المهن والوظائف؛ ولذلك فإنه من المستبعد بالإطلاق أن تقبل النساء المغربيات بفرض الوصاية عليهن، سواء في علاقة بالدخول إلى الملاعب أو غيرها من الفضاءات العمومية”.

ولم تستبعد المتحدثة ذاتها أن “يكون الهدف من وراء إطلاق هذه الحملة تهريب النقاش العمومي بعيدا عن ورش إصلاح منظومة الأسرة، وتعديل القانون الجنائي، للتشويش على مجهودات التشكيلات والفعالية النسوية لأجل جعل هذه القوانين مُنصفة أكثر للمرأة، وإخلاء الأخير على وجه الخصوص من المقتضيات التي تنطوي على تمييز ضدها، لاسيّما من خلال إعداد مذكرات ترافعية مُفصلة في هذا الجانب وتوجيهها إلى الجهات المسؤولة”.

“من جانب آخر فإن التفاعل الذي تلقاه مثل هذه الحملات التي تنطوي على عُنف إلكتروني ضد المرأة، رُغم وجود قوانين رادعة لها وعلى رأسها القانون رقم 103.13، مرده إلى غياب الوعي بثقافة المساواة والعيش المشترك والحق في ولوج الفضاء العمومي لدى جزء مهم من أفراد المجتمع المغربي، بمن فيهم نساء ‘تستولي’ عليهن بدورهن العقلية الذكورية”، تضيف الناشطة النسائية ذاتها، منادية بـ”تمليك المواطنين المغاربة هذه الثقافة، من خلال تحيين المناهج الدراسية، ومُضاعفة الحملات التحسيسية من قبل المجتمع المدني، وعبر وسائل الإعلام”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق