اتفاق السلطات المالية والأمنية يكافح التدليس ويعزز الاستقرار الاقتصادي

0 تعليق ارسل طباعة

بكثير من التنويه ونبرة تثمين الإيجابيات، استقبل خبراء في المجالين المالي/ الاقتصادي والأمن الرقمي الإلكتروني تعزيز التعاون التقني والعملياتي بين المديرية العامة للأمن الوطني وبين بنك المغرب من خلال توقيع بروتوكول يخوّل بموجبه للبنك المركزي “استغلال الخدمات الرقمية التي توفرها بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية”.

البروتوكول، الموقع بداية الأسبوع الجاري بالرباط بين عبد اللطيف الجواهري وعبد اللطيف حموشي، يخوّل للبنك المركزي “حق الاستفادة من الإمكانيات التقنية التي توفرها بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية في مجال مكافحة الاستعمالات التدليسية للوثائق التعريفية”.

كما أن تمتين أواصر التعاون بين السلطات المالية وبين السلطات الأمنية في المغرب يستهدف “تعزيز آليات التحقق من الهوية وتأمينها”، واضعا أيضا غاية “الارتقاء بجودة الخدمات التي يقدمها الفضاء الاقتصادي للمواطنين المغاربة” ضمن صدارة أهدافها.

حسب المعطيات المعلنة، فإن سيكون بإمكان البنك المركزي المغربي “إدماج منصة الطرف الثالث الموثوق به للتحقق من الهوية، التي طوّرتها المديرية العامة للأمن الوطني، ضمن منظومته المعلوماتية كأداة للتعريف والتحقق من الهوية، بشكل آني وآلي، سواء حضوريا أو عن بُعد عن طريق منظومة الهوية الرقمية. كما ستتاح له إمكانية استغلال المعطيات التعريفية المدمجة ببطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية، وتحديدا تلك المفتوحة للعموم، بشكل يمكن من تفادي أخطاء الرقن اليدوي لهذه المعطيات”.

وينص البروتوكول الموقع على “تطوير آلية لتبادل الخبرات في مجالات التكوين والمواكبة التقنية، وتنظيم أنشطة مشتركة حول الاستعمالات الفضلى والفعالة لمنظومة الطرف الثالث الموثوق به للتحقق من الهوية ومنظومة الهوية الرقمية”؛ في وقت ستوفر مصالح مديرية الأمن الوطني “الحلول التقنية التي طوّرتها من أجل تسهيل استعمال بنك المغرب للمنظومات التعريفية الإلكترونية”.

“تحقق رقمي يكافح التدليس”

الطيب هزاز، خبير مغربي في الأمن الرقمي والمعلوماتي، أبرز أن “تنفيذ البروتوكول الموقع بين سلطتي الأمن والمال في المغرب سيدعم إمكانية التحقق الرقمي السلس والسريع من بيانات فتح حسابات بنكية لدى مختلف البنوك المغربية”.

وأوضح هزاز، في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذه الخطوة تتجاوز فوائد تمتين التعاون التقني والعملياتي؛ بل إن ذلك يقلص بشكل كبير من ممارسات التدليس والاحتيال حين لجوء البعض إلى استعمال بطاقة الهوية لأشخاص آخرين عند فتح حساب بنكي..” شارحا: “هذا سيصير متاحا عبر التحقق السريع والآني آليا عبر رقم البطاقة الوطنية وباقي معطياتها التعريفية وعبر المرور بالقن السري code PIN المرتبط بشكل مخصص بكل بطاقة هوية”.

ولفت الخبير في الأمن الرقمي والمعلوماتي إلى أن “بنك المغرب، كسلطة مالية مركزية في المنظومة الاقتصادية الوطنية والدولية، يعزز حماية المعلومات الشخصية للمواطنين ومرتفقي البنوك ومختلف مؤسسات الأداء عبر دعم وتقوية استراتيجيته للأمن السيبراني”، مشيدا في السياق ذاته بمضامين اتفاقية “تعزيز حماية المنشآت البنكية”.

واعتبر المصرح للجريدة أن كلها إجراءات وتدابير من المرتقب أن تعزز الثقة التي تحظى بها المعاملات المالية الإلكترونية في المنظومة البنكية المغربية، مشيدا عاليا بـ”التطور الكبير الذي عرفته رقمنة الخدمات والمساطر وتعزيز الأمن السيبراني من طرف المديرية العامة للأمن الوطني في عهد مديرها العام عبد اللطيف حموشي”؛ خاصا بالذكر “تطوير برمجيات معلوماتية مؤمنة خاصة بالمديرية من أجل تأمين فعال للمعطيات الشخصية للمواطنين ورقمنة مسار التحقق من الهوية الرقمية”.

وختم بأن “استغلال الميزات التقنية لبطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية من طرف السلطات المالية المغربية قد يخفض ممارسات الاحتيال واختراق المعطيات أو الحسابات البنكية نسبيا، فضلا عن مزايا متصلة بتقوية الأنظمة السيبرانية لتأمين المنظومة البنكية”.

الاستقرار المالي ورفع الثقة

من منظور مالي، حلل محمد عادل إيشو، خبير في المالية العمومية أستاذ العلوم الاقتصادية، اتفاق البنك المركزي المغربي ومديرية الأمن الوطني قائلا إن “هذا التعاون خطوة استراتيجية تعزز من الاستقرار المالي وتحسين تجربة العملاء، بشكل يسهم في رفع مستوى الثقة في النظام المالي الوطني.

وبالنسبة للمحللين والمختصين في الاقتصاد، صرح إيشو، لجريدة هسبريس، بأن الخطوة “تعكس توجها نحو التحول الرقمي الشامل في قطاع الخدمات البنكية، معددا “أثرا كبيرا على 4 مستويات”؛ أولها “تقليل التكاليف المرتبطة بمخاطر التزوير والاحتيال”، إذ أبرز المحلل المالي أنه “بفضل تعزيز أنظمة التحقق من الهوية والحد من الاستخدامات الاحتيالية للوثائق التعريفية، يتوقع أن تتقلص التكاليف المتعلقة بمكافحة التزوير، ما يعزز من كفاءة المعاملات البنكية”.

ويتعلق المستوى الثاني بـ”تحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية”، أضاف المصرح شارحا بأن “تعزيز أمان المعاملات المالية واستقرار النظام المصرفي يزيد من جاذبية السوق المغربي أمام المستثمرين المحليين والأجانب، الذين يعتبرون الأمان المالي من العوامل الحاسمة في قراراتهم الاستثمارية”.

“دعم الاستبناك والشمول المالي”

“تعزيز الشمول المالي” يشكل ثالث المستويات المستفيدة من هذا الاتفاق؛ “لأن تبسيط الإجراءات البنكية وتسهيل فتح الحسابات عبر تأكيد الهويات بشكل آمن يمكن أن يسهم في رفع نسبة الاستبناك، ما يساعد في زيادة قاعدة العملاء المستفيدين من الخدمات المالية والبنكية، وخاصة في المناطق الأقل خدمة”، وفق تعبير إيشو.

كما أبرز أهمية “تحقيق نمو اقتصادي مستدام”، عبر إسهام هذا الاتفاق في “وضع بنية تحتية قوية للأمن المالي، مما يمهد الطريق نحو معاملات أكثر أمانا ودقة، ويدعم توجهات الدولة نحو اقتصاد رقمي يعتمد على الكفاءة والأمان”.

يتوقع أن يكون لاتفاق استفادة السلطات المالية من نظيرتها الأمنية تأثيرٌ إيجابي ليس فقط على مستوى الأفراد؛ ولكن أيضا على مستوى الاستدامة المالية للمؤسسات البنكية، مما يعزز مكانة المغرب كوجهة آمنة وواعدة للاستثمار المالي في المنطقة”، ختم الخبير في المالية العمومية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق