أطروحة تدرس الأدب اليهودي المغاربي

0 تعليق ارسل طباعة

احتضنت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة مولاي سليمان ببني ملال مناقشة أطروحة دكتوراه قدمتها الطالبة الباحثة لبنى الجود، بعنوان: “الأدب اليهودي-المغاربي: تقاطعات ثقافية وتأكيد الهوية في روايات نين مواتي، مريم بن، وحكايات إليزا شمينتي”.

وتناولت الأطروحة التي ناقشتها لجنة علمية ترأستها الدكتورة فاطمة الزهراء صالح، أستاذة التعليم العالي، دراسة الأدب اليهودي-المغاربي كمساحة للسرد الأدبي الذي يجمع بين التفاعل الثقافي والتحديات الهوياتية في ظل تأثير الاستعمار الفرنسي.

كما ركّز البحث على تحليل روايات نين مواتي (“جميلات تونس”)، مريم بن (“صابرينا، لقد سرقوا حياتك”)، وإليزا شمينتي (“حواءات مغربيات”)، بهدف إبراز كيفية تعبير هذه الأعمال عن تجارب اليهود في المغرب الكبير في مواجهة سياسات الاستيعاب الثقافي والتغيرات السياسية.

واستعرضت الأطروحة الأثر العميق للسياسات الاستعمارية على الهويات المحلية، مركزة على التوترات الثقافية والدينية التي نشأت بفعل محاولات الاستيعاب القسري؛ ففي الجزائر منح مرسوم كريميو لعام 1870 الجنسية الفرنسية لليهود، ما أدى إلى إبعادهم عن المسلمين المحليين وتكريس التمايز الاجتماعي؛ أما في تونس فسلطت نين مواتي الضوء على التمييز الداخلي في المجتمع اليهودي وعواقب تسليم بعض اليهود التونسيين للنازيين، كما أوردت في روايتها “جميلات تونس”.

في المقابل أوضحت الأطروحة أن المجتمع اليهودي في المغرب تمكّن من الحفاظ على هويته بفضل سياسة التعايش التي تبناها الملك محمد الخامس، إذ رفض تسليم اليهود المغاربة للاحتلال النازي. وسمحت هذه المقاربة المتسامحة لليهود المغاربة بمقاومة الاستيعاب القسري، ما ساعدهم على الحفاظ على تماسكهم المجتمعي.

واعتمدت الأطروحة منهجية مقارنة تحليلية، إذ قامت بمقارنة التحديات التي واجهتها المجتمعات اليهودية في المغرب، تونس، والجزائر، مبرزة الاختلافات في تجارب الاستيعاب والمقاومة؛ كما تناولت الروايات والحكايات المدروسة كيف تمكنت الشخصيات من تطوير إستراتيجيات للحفاظ على الهوية، مثل استخدام اللغة اليهودية-العربية داخل المنازل، والحفاظ على التقاليد الدينية، مثل الاحتفال بالسبت والأعياد اليهودية، إلى جانب رفض الزواج المختلط لضمان تماسك الهوية اليهودية، والنقل الشفهي للتراث من خلال الحكايات، كما برز في أعمال إليزا شمينتي.

وتعد هذه الأطروحة إسهاما أكاديميا هاما في مجال الدراسات الأدبية المغاربية، إذ تفتح آفاقا جديدة لفهم أعمق لتقاطعات الثقافة والهوية في سياق استعماري معقد، كما تسلط الضوء على اختلاف التجارب اليهودية في دول المغرب الكبير، حيث حافظ يهود المغرب على ارتباطهم بالمجتمع المحلي، بينما عانى يهود تونس والجزائر من تبعات الاستيعاب القسري والاضطهاد، ما أدى في نهاية المطاف إلى هجرتهم الجماعية بعد الاستقلال.

حري بالذكر أن مناقشة أطروحة الطالبة الباحثة لبنى الجود جرت أمام لجنة مكونة من الدكتور عبد الله جغنين، الذي ترأس الجلسة، والدكتور عز الدين نزهي والدكتورة كريمة بوحسون، الذين أجمعوا على حبك منهجية الأطروحة وتحليلها المقارن الذي يجمع بين العمق النظري والصرامة العلمية. كما حضر الجلسة الدكتور أحمد قادم، عميد كلية اللغة العربية، إلى جانب مجموعة من الأساتذة والطلبة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق