"وثيقة الرباط" تدعو إلى تعزيز علاقة الدين والعلم والفلسفة لمواجهة التحديات

0 تعليق ارسل طباعة

قالت “وثيقة الرباط: الإيمان في عالم متغير” إن “تعزيز العلاقة بين الدين والعلم أمر جوهري، يتجلى به التكامل بين الإيمان والحياة، وبين المعرفة والفلسفة، لمواجهة انحرافات الإلحاد العدمي والفكر المادي الذي يُقصي الروحانيات والقيم عن دورها المركزي، وصولا إلى رؤية متوازنة تُبرز مكانة الإنسان ودوره في الكون، وتضع الطبيعة في سياقها الصحيح، وتُجسّد أهمية الإيمان في التوصل إلى معاني وجودنا على هذا الكوكب وأهدافه”.

جاء هذا ضمن “وثيقة الرباط” الصادرة عن “المؤتمر الدولي الإيمان في عالم متغير” المنظم بالعاصمة المغربية من طرف “الرابطة المحمدية للعلماء” و”رابطة العالم الإسلامي”، في ظل “حضور لافت لممثلين عن مختلف الأديان، في تجمع استثنائي يجسّد أهمية الدين ودوره المحوري في توجيه الحياة العامة، بما يحمله من قيم باعثة على التآخي الإنساني، ومبادئ حافزة على التطوير والإبداع، وصولا إلى رخاء المجتمعات وسلام العالم وتآلف مكوناته”.

هذا المؤتمر الذي نظم برعاية ملكية، شكر الملك محمّدا السادس “على الجهود المباركة التي تبذلها المملكة المغربية للإسهام في توحيد الشعوب وتعزيز التقارب بين مكوناتها، انطلاقا من دورها التاريخي في كيانها العربي والإسلامي والإنساني، ومن أبهى تجلياتها (نداء القدس)”، كما دعا المشاركون فيه إلى تأسيس “هيئة إنسانية إيمانية رائدة تحت مسمى: المرصد الدولي لدلائل الإيمان ومواجهة الشبهات، تهتم بترسيخ مبادئ الإيمان وتعزيز قيمها الأخلاقية، مع رصد الشبهات المثارة والأجندات المشبوهة للفوضى التحررية، والعدمية الإلحادية، والعبثية المجتمعية، من خلال كتابات مستوعبة، وندوات متخصصة، يُستكتب لها ذوو التميز والإجادة، وتُوظّف لإنجاح أهدافها وإيصال رسالتها: الوسائل الرقمية والإعلامية الحديثة، ويُنشر عن أعمالها ومنجزاتها تقرير سنوي باللغتين العربية والإنجليزية، لتكون مرجع اهتداء فكري، ومعلم إرشاد إيماني، تساعد الإنسان على التعامل الأقوم مع المستجدات المتسارعة والمتغيرات الكبرى”.

وتؤمن خلاصات المؤتمر بـ”مركزية الدين في قيام الحضارات وازدهارها، وأثره في صياغة أفكار المجتمعات وتقويمها، وقدرته على مواجهة المشكلات ومعالجتها، فهو محرك أساس لفهم الإنسان لذاته والعالم من حوله، وتهميشُ دوره في الاهتداء الروحي والإرشاد العقلي يفتح الباب واسعا أمام مظاهر الفوضى الأخلاقية والسلوكيات المنحرفة والإباحية المهينة، ويضع العالم أمام حالة غير مسبوقة من التردي الأخلاقي والانحلال القيمي”.

وذكرت الوثيقة أن “القيم الأخلاقية تستند إلى الفطرة الإنسانية وتتأكد بالرسالات الإلهية، وتبقى على الدوام أصلا مشتركا ومرتكزا ثابتا وإطارا جامعا تنبع منه الأفكار المستنيرة والأطروحات الرشيدة في مسيرة الحضارة والتقدم، وبقدر رسوخ تلك القيم في الوجدان الإنساني يتحقق الأمن والوئام المجتمعي”، كما أكدت أن “الإنسان هو محور الرسالات الإلهية” وشددت على حفظ كرامته “وصيانة حقوقه وحرياته المشروعة، والاعتراف به وجودا وحضارة، أيا كانت هويته الدينية والوطنية والإثنية، واعتباره أخا مشاركا في بناء المجتمع وتنميته”.

وورد في الوثيقة ذكر لـ”مسؤولية القيادات الدينية والفكرية والمجتمعية حول العالم في استثمار الإرث الإنساني المشترك، للحفاظ على المكتسبات الحضارية المتراكمة عبر التاريخ، والتصدي للظواهر السلبية التي أفرزتها العولمة، واحتواء الآثار المدمّرة التي سبّبتها الجوائح والأوبئة والحروب”.

كما نادت “وثيقة الرباط” بـ”التعاون والتكامل بين المكونات الدينية المختلفة واستثمار مشتركاتها المتعددة” مسارا أنجحَ “لصياغة الأطر الفكرية الرشيدة للتحصين من مخاطر السلوك المتطرف، وتحييد خطاب الكراهية، وتفكيك نظريات الصراع والصدام”، مع “التزام المنهجية العلمية الرصينة في تفسير النصوص، وفهم الحقائق الدينية وتوضيح المصطلحات والمفاهيم الفكرية، وتنزيلها على المستجدات العصرية، بما يحقق مقاصد الدين في حفظ الضروريات، وتحقيق التوازن والاعتدال”.

ومن بين ما ورد في الوثيقة أن “الحوار بين الأديان والثقافات قيمة عليا تساهم في بناء جسور التواصل بين الشعوب، وتفتح أبواب التعارف وتداول المعارف، وتوسيع التفاهم والاحترام المتبادل، مما يرسخ العلاقات الإنسانية على أسس من التعاون والتسامح، ويعزز من قدرة المجتمعات على مواجهة تحديات العصر بروح منفتحة ومقتنعة”.

كما سجلت أن “التكنولوجيا والتقدم العلمي والذكاء الاصطناعي وسائل رئيسة في تشكيل الفكر والوعي والرقي بسلوك المجتمعات، وتتصدر لرسم معظم ملامح المستقبل المادي والمعرفي للأجيال القادمة، وتستلزم المسارعة إلى استغلالها، والمبادرة إلى الاهتمام بتطوير وسائل التربية الدينية وتجديد طرقها لتتلاءم مع العصر الرقمي والتطورات المتسارعة، وتنجح في بناء جيل قادر على فهم العالم المحيط به من منظور إيماني راسخ ومتجدد”.

ودافعت “وثيقة الرباط” على كون التضامن بين الشعوبِ السبيلَ الأمثل لمواجهة التحديات العالمية الكبرى، مثل “التغير المناخي وهدر الموارد وشحها، وحماية البيئة والمحافظة على الثروات الطبيعية”، مبرزة أن “المرأة في إطارها الإيماني مصدر نور وإشعاع حضاري، لها الحظ الأكبر في غرس ثوابت الدين ومكارم الخلق الحميد”، من الواجب “حراسة دورها الرئيس في الأسرة ورعايتها، وتربية الناشئة والعناية بها، وترسيخ التآلف والانسجام بينها، وتحصين الأجيال الصاعدة من فوضى المشاعر واضطراب الأفكار”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق