«ضغط اقتصادي» رسوم ترامب الجمركية كيف تستخدم كأداة تفاوض فعالة دولياً؟

رسوم ترامب الجمركية أداة ضغط على الدول الأخرى للتفاوض تجسد سياسة تجارية تعتمد على رفع التعريفات الجمركية لتعزيز الموقف الاقتصادي الأمريكي وتحقيق مكاسب استراتيجية متنوعة، خصوصًا في قطاعات حيوية كالصلب والألومنيوم التي تلعب دورًا رئيسيًا في الأمن القومي؛ فقد قرر ترامب رفع هذه التعريفات إلى 50% لسد الثغرات القانونية السابقة التي استغلها المستوردون الأمريكيون للاستفادة من ضرائب مخفضة على المنتجات المصنعة خارج البلاد

أكد المحلل الاقتصادي مازن أبو إسماعيل أن رسوم ترامب الجمركية أداة ضغط على الدول الأخرى للتفاوض تتعلق برفع التعريفات الجمركية على الصلب والألومنيوم بشكل يعكس سياسة اقتصادية تفاوضية تتخطى حدود الحماية التقليدية إلى إحداث تأثير مباشر على المواقف الدولية، حيث تم توسيع نطاق التعريفات لتشمل ما يقارب 400 منتج ورمز جمركي، مع الزيادة من 25% إلى 50%، وهو ما يلقي بظلاله على القطاعات الدفاعية الحيوية مثل صناعة الطائرات والأسلحة والسفن، مما يجعل القرار مرتبطًا مباشرة بالأمن القومي الأمريكي

وعليه، تستورد الولايات المتحدة نسبة تصل إلى 20% من الصلب و40% من الألومنيوم المستخدم محليًا، وهذا يوضح أن البلاد لا تملك الاكتفاء الذاتي الكافي، ومن هنا تكمن المخاطرة في رفع الرسوم الجمركية، فهي أداة للضغط على الدول الأخرى من أجل الدخول في مفاوضات تجارية أكثر نفعًا لواشنطن، مع محاولة سد الثغرات القانونية التي سمحت سابقًا بتهرب بعض المستوردين من دفع ضرائب مرتفعة؛ فتعديل التعريفات بهذه الطريقة يمنح ترامب قوة دفع أكبر ضمن استراتيجيته الاقتصادية

رفع سقف رسوم ترامب الجمركية كتكتيك تفاوضي فعال

تتسم استراتيجية ترامب برفع سقف الرسوم الجمركية بهدف تحقيق مكاسب تفاوضية بارزة، إذ استخدم هذا الأسلوب مع شركات كبرى مثل إنفيديا وآبل، حيث منح الأولى فرصة لتصدير منتجاتها إلى الصين مقابل فرض ضريبة بنسبة 15%، فيما سمح للثانية بتصنيع هواتف آيفون خارج أمريكا مقابل استثمارات تصل قيمتها إلى 100 مليار دولار أمريكي، وهذه الأمثلة توضح كيف تتحول الرسوم الجمركية من عوائق إلى أدوات ضغط وابتزاز تجاري يهدف إلى تحقيق مصالح اقتصادية وتعزيز النفوذ التجاري الأمريكي

ويؤدي هذا النهج إلى خلق حالة من عدم اليقين في الأسواق المالية العالمية، حيث يتسبب فرض الرسوم الجمركية في ضغط تضخمي متزايد، بدوره يرفع من أسعار المستهلكين الأمريكيين كما أشارت التقارير الأخيرة، إضافة إلى تأثيرات سلبية ملموسة على سوق العمل مما يجعل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في موقف معقد بين خفض معدلات الفائدة لدعم العمالة أو رفعها لمواجهة التضخم المتصاعد، وهذه الديناميكية تعكس تمامًا التعقيد الذي تحدثه خطوة التعريفات الجمركية المرتفعة على الاقتصاد الأمريكي والعالمي بشكل عام

تأثير رسوم ترامب الجمركية على العلاقات التجارية العالمية

ترك رفع التعريفات الجمركية أثرًا واضحًا على العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وشركائها في أوروبا وآسيا، إذ حققت هذه الرسوم إيرادات جمركية ضخمة خلال الشهرين الأخيرين بلغت 200 مليار دولار متجاوزة إجمالي إيرادات العام 2024 بأكمله، ويؤكد هذا الرقم الضخم قوة النفوذ الأمريكي بوصفه أكبر سوق استهلاكية في العالم مما يجعل الدول تعتمد على الولايات المتحدة في تصدير منتجاتها، وهذا ما يمنح ترامب اليد العليا في فرض شروطه التجارية التي غالبًا ما تكون صارمة وبها جانبان من الضغط والتفاوض في آن واحد

  • تركيز التعريفات على الصلب والألومنيوم بسبب أهميتهما في الصناعات الدفاعية
  • سعي ترامب لسد الثغرات السابقة في قانون التعريفات الجمركية
  • رفع النسبة الجمركية إلى 50% لتوسيع تأثير القرار على نحو 400 منتج
  • استغلال السوق الأمريكية كأداة ضغط للتفاوض مع دول التصدير
  • تأثير الرسوم على الأسواق المالية وارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة
البند النسبة السابقة النسبة الحالية الأثر
الصلب 25% 50% زيادة في أسعار الواردات والضغط على المنافسة الأجنبية
الألومنيوم 25% 50% تعزيز الصناعات المحلية المرتبطة بالأمن القومي
منتجات أخرى (حوالي 400 منتج) غير محدد حتى 50% توسيع التأثير التفاوضي وتعزيز الموقف الاقتصادي

كل هذه العوامل تشير إلى أن رسوم ترامب الجمركية أداة ضغط على الدول الأخرى للتفاوض وليس مجرد وسيلة جمركية تقليدية، إذ تمزج بين عوامل استراتيجية متعددة تستهدف تحقيق مكاسب اقتصادية وأمنية في آن معًا، مما يجعل مراقبة تطورات هذا الملف ضروريًا لمعرفة كيف ستتغير خرائط التجارة العالمية وتأثيراتها على العلاقات الدولية مستقبلاً

النقاش حول هذه الرسوم لن يقتصر على الجانب الاقتصادي فقط بل سيمتد ليشمل آفاق السياسة الدولية والاقتصاد العالمي، خاصة مع استمرار الولايات المتحدة في استخدام موقعها كسوق مستهلك ضخمة للضغط على شركائها، وهو ما يشير إلى أن الملفات الجمركية لم تعد أدوات بسيطة بل تحولت إلى أدوات قوة يمكن لها إعادة تشكيل قواعد التبادل التجاري بين الدول بشكل ملحوظ وتحقيق مكاسب أكبر لصالح الولايات المتحدة على المدى المتوسط والبعيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top