الكثير يعاني من خوف المكالمات الهاتفية رغم انتشار الهواتف المحمولة التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية؛ إذ يُصبح رنين الهاتف مصدر توتر وقلق حتى وإن كانت المكالمة من شخص مقرّب، هذا الخوف يختبئ خلف صمت الهاتف ورنينه الذي نفضّل أحيانًا تجاهله بدلاً من الردّ، تاركين أنفسنا ننتظر رسالة أو نؤجّل مواجهة قد تجهدنا نفسيًا.
لماذا يخشى الكثيرون مواجهة المكالمات الهاتفية؟
الخوف من المكالمات الهاتفية لا ينبع من الجهاز نفسه، إنما من المشاعر التي يُثيرها في داخلنا كالقلق والتوتر بسبب طبيعة المواجهة المباشرة؛ حيث يصعب التحكم بالكلمات والمواقف آنياً، وقد تظهر مشاعر الارتباك أو الخوف من أسئلة محرجة أو ردود فعل غير متوقعة. وقد تنبع هذه المخاوف من تجارب سابقة مزعجة أو مواقف اجتماعية مؤلمة مرتبطة بالرنين أو المكالمات، مما يجعل المكالمة الهاتفية أكثر ثقلاً مما تبدو على السطح.
دور المكالمات الهاتفية كجزء من الضغط الاجتماعي وتأثيره على التهرب منها
تُعتبر المكالمات الهاتفية في بعض الأحيان شكلاً من أشكال الضغط الاجتماعي الذي يدخل عالمنا فجأة دون استئذان، مفروضًا علينا تفاعلًا لا نرغب به سواء في توقيته أو شكله، وهذا يخلق مقاومة دفينة تمنعنا من المشاركة أو التواصل. الهاتف يتحول إلى وسيلة يستخدمها الآخرون للضغط علينا بعد رفضنا طلباتهم وجهًا لوجه، ويصبح الغازٍ الأخير الذي لا يمكن تجاهله بسهولة، فتبريرات التأجيل والصمت هي استراتيجيات نلجأ إليها للراحة النفسية.
تمرد المكالمات الهاتفية: خوف التعبير والحاجة إلى التحكم
قد يُعزى خوف المكالمات الهاتفية إلى رفض التعبير المباشر والمواجهة الحسية التي تحرمنا من إمكانية اختيار كلماتنا ووقتنا، حيث يتيح التواصل الكتابي أو الرموز التعبيرية بإخفاء الهشاشة وتحكم أفضل بالمعلومات المنقولة. المكالمة الهاتفية تكشف مخاوف مدفونة وارتباك داخلي قد يعبر عن حاجتنا لشعور بالأمان قبل الانفتاح، فلا تُعامل هذه المخاوف على أنها مجرد فوبيا بل كإشارة داخلية تستدعي الانتباه والتفهم.