«تأثير مباشر» خفض الفائدة في تركيا هل سيغير حسابات السياسة النقدية بمصر بشكل واضح

بعد خفض الفائدة في تركيا، تتزايد التساؤلات عن مدى تأثير هذا القرار على حسابات السياسة النقدية بمصر، خاصة مع التغيرات المتلاحقة في الأسواق العالمية والإقليمية، ويتطلع الكثيرون إلى اجتماع البنك المركزي المصري المرتقب في أغسطس، الذي قد يشهد تحركات جديدة في أسعار الفائدة تتماشى مع الأوضاع الراهنة محليًا ودوليًا، مما يشير إلى إمكانية إعادة تقييم التوجهات النقدية بما يخدم استقرار الاقتصاد الوطني.

بعد خفض الفائدة في تركيا، كيف تتغير حسابات السياسة النقدية بمصر؟

خفض البنك المركزي التركي سعر الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس لتصل إلى 43%، رغم أن التضخم السنوي بلغ 35.1% في يونيو، وهو قرار أثار تساؤلات حول انعكاس هذه الخطوة على قرارات البنك المركزي المصري الذي يحضر لاجتماعه في أغسطس 2025، وتأتي هذه التخفيضات في إطار سياسة نقدية تيسيرية تهدف لتحفيز الاقتصاد المحلي في تركيا، إلا أن التذبذب الحاد في سعر صرف الليرة أثّر سلبًا على جاذبية السوق التركي، خاصة للأموال الساخنة أو رؤوس الأموال قصيرة الأجل.

من جانبه، يرى هاني جنينة، كبير الاقتصاديين في “كايرو كابيتال سيكيورتيز”، أن هذه المعطيات تدعم فرضية خفض الفائدة في مصر في الاجتماع القادم، خاصة مع مؤشرات إيجابية عدة تشمل فرص خفض الفيدرالي الأمريكي للفائدة في سبتمبر المقبل، وتراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، إضافة إلى استقرار أسعار السلع الأساسية على الصعيد العالمي والتهدئة في النزاعات التجارية، كلها عوامل تمنح البنك المركزي المصري هامش حركة أكبر.

خطة البنك المركزي المصري بعد خفض الفائدة في تركيا وتأثيرها على السوق المحلي

تشير التطورات إلى أن البنك المركزي المصري قد يستأنف سياسة التيسير النقدي بناءً على مؤشرات مستقرة نسبيًا، ففي ظل وجود تدفقات استثمارية مستمرة من الأموال الساخنة التي تهاجر من الأسواق ذات المخاطر المرتفعة إلى السوق المصري الأكثر استقرارًا نسبيًا، تجد الحكومة المصرية فرصة مواتية لتخفيض أسعار الفائدة تدريجيًا دون تعريض الاستقرار المالي للخطر.

ومن الجدير بالذكر أن لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي ستجتمع في 28 أغسطس 2025 للمرة الخامسة هذا العام، في ظل توقعات بنزول أسعار الفائدة حتى 300 نقطة أساس إضافية، خاصة مع استمرار التراجع في معدل التضخم، واحتفاظ سعر صرف الجنيه المصري بمكاسب واضحة مقابل الدولار، مما مرة أخرى يعزز الوضع المناسب للسياسة النقدية التيسيرية.

استهداف الأموال الساخنة بعد خفض الفائدة في تركيا ومدى تأثيره على السياسة النقدية بمصر

استهداف الأموال الساخنة يعد نقطة محورية في تحليل تأثير خفض الفائدة في تركيا على حسابات السياسة النقدية بمصر، حيث أوضح الخبير المصرفي محمد بدرة أن انخفاض الفائدة التركية وتصاعد تقلبات الليرة يقللان من جاذبية السوق التركي، خاصة في أدوات الدين قصيرة الأجل، وهو ما يجعل السوق المصري أكثر جاذبية للمستثمرين الباحثين عن توازن بين العائد والمخاطرة.

تتضح الصورة عندما نفصل العوامل التي تحكم تدفق هذه الأموال كالتالي:

تلك العوامل تمنح البنك المركزي المصري فرصة أقل للمخاطرة عند خفض الفائدة مقارنة بتركيا، مع إمكانية المضي قدما في تحفيز النمو الاقتصادي دون الإضرار بجاذبية أدوات الدين المحلي.

المؤشر تركيا مصر
معدل الفائدة (%) 43% متوقع خفض تدريجي من 19.25%
معدل التضخم السنوي (%) 35.1% مرتفع لكنه في تراجع نسبي
تذبذب العملة مرتفع (الليرة التركية) مستقر نسبيًا (الجنيه المصري)
تدفقات الأموال الساخنة تراجع بسبب المخاطر زيادة في التدفق نتيجة الاستقرار

كل هذه المؤشرات تدعم توجه البنك المركزي المصري لاستغلال الفرصة المتاحة والمتزامنة مع تحسن مؤشرات الاستثمار واستقرار الأسعار العالمية، ليتمكن من توجيه سياساته النقدية بشكل مدروس يعزز النمو الاقتصادي ويحافظ على استقرار الأسواق المالية.

إجمالًا، فإن خفض الفائدة في تركيا يشكل عاملًا محفزًا للبنك المركزي المصري لإعادة النظر في حساباته النقدية، خاصة في ظل العوامل الإيجابية التي ترافق هذا القرار على مستوى الأسواق العالمية والمحلية، ومن المتوقع أن يترجم ذلك إلى سياسة نقدية أكثر مرونة في الفترة القادمة، بما يتناسب مع المستجدات الراهنة ويخدم الاقتصاد المصري.

close