المصريون بالخارج بحاجة إلى تواصل أبعد من النظر إلى تحويلاتهم النقدية لأن ارتباطهم العميق ببلدهم يتجاوز مجرد دعمهم المالي، فهم يتطلعون إلى فرص استثمارية حقيقية تعزز من مساهمتهم في التنمية الاقتصادية، ويرغبون في بيئة تعكس تقدم البنية التحتية والخدمات، مما يدل على حرصهم على أن يكونوا شركاء فاعلين وليسوا مجرد مصادر تحويلات مالية، وهذا يتطلب تواصلًا مباشرًا عبر كيانات اقتصادية وتطوير آليات الحوافز الاستثمارية.
المصريون بالخارج بحاجة إلى تواصل أبعد من النظر إلى تحويلاتهم النقدية في التنمية الاقتصادية
يؤكد الدكتور حسين عيسى منسق المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية على أن المصريين بالخارج لديهم اهتمام مستمر ببلدهم، ويتجاوز هذا الاهتمام الحدود التقليدية للتحويلات المالية التي تبعث بالبشرى وتُعد جزءاً هاماً من دعم الأُسر، إلا أن لديهم طموحًا أكبر يتضمن الاستثمار العقاري وامتلاك أماكن للراحة والاستجمام، كالاستثمار في شقق أو فيلات أو شاليهات، والتمتع بمطاعم ومقاهي نظيفة وحدائق مريحة تعكس تقدماً في البنية التحتية الوطنية، ويشير إلى ضرورة استغلال هذا الزخم بتحفيز المصريين بالخارج على الاستثمار المباشر عبر كيانات تقوم بمخاطبتهم وعرض فرص للمشاركة في الشركات القائمة والجديدة، مما يسهم في تنويع محافظهم الاستثمارية ويرفع من منسوب استثماراتهم في البلد لصالح التنمية الاقتصادية.
تسهيلات الضرائب ودور المصريين بالخارج بحاجة إلى تواصل أبعد من النظر إلى تحويلاتهم النقدية
يُبرز الدكتور عيسى أن الإصلاحات الضريبية التي نفذتها الحكومة مؤخرًا تمثل خطوة إيجابية نحو جذب المزيد من الاستثمارات من المصريين بالخارج الذين يلحظون مدى تقدير الدولة للمستثمر المحلي، مما يزيد من ثقتهم ويشجعهم على ضخ مزيد من الأموال لاستثمارها، وفي هذا الإطار أوضح وزير المالية الدكتور أحمد كجوك أن هناك حزمًا متتابعة من التسهيلات الضريبية تهدف إلى تحويل الممولين إلى شركاء حقيقيين وليس مجرد دافعين للضرائب، وهذا التوجه لا يركز على الحصيلة فقط بل يبني على الثقة والشراكة، ويعمل على تذليل التعقيدات البيروقراطية التي تمثل أكبر عقبة أمام الامتثال الضريبي، إذ تعود ٧٠٪ من مشكلات الضرائب إلى الروتين المعقد، فيما يتسبب السلوك الإنساني في نسبة ٣٠٪، حيث أن تقليل البيروقراطية يحسن من سلوك المكلفين ويزيد من الالتزام الضريبي.
الاهتمام بالتعليم ودوره في تعزيز قيمة المصريين بالخارج بحاجة إلى تواصل أبعد من النظر إلى تحويلاتهم النقدية
ينتقل الدكتور عيسى إلى أهمية التعليم في رسم ملامح مستقبل الاقتصاد الوطني والمجتمع، مستذكرًا تجارب دول مثل ألمانيا التي رغم فرضها ضرائب نسبتها عالية تصل إلى ٤٥٪ على مواطنيها، فإنها تقدم خدمات مجانية مثل التعليم والعلاج والنقل، وتُظهر وعيًا ومثالية في سلوك الضرائب، وهو ما يعكس تقدير المواطن لدوره الوطني، وأشار إلى أن معدل الادخار والاستثمار في مصر ضعيف بسبب ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض الدخول، لذلك يستوجب تشكيل بيئة اقتصادية تدعم زيادة الدخول لكي يتمكن المواطن من الادخار والإنفاق على التعليم والصحة، وإن التطوير الشامل لنظام التعليم يشكل محورًا رئيسيًا لتحسين فرص الأجيال القادمة، فهو قضية مجتمعية تتطلب تضافر جهود المدارس والمعلمين وأولياء الأمور والمؤسسات الحكومية والمجتمع المدني.