«فرص رابحة» قانون الإيجارات في مصر كيف يؤثر على المستأجرين والمالكين الآن

الإيجار القديم في مصر يشكل نقطة تحوّل مهمة بعد سنوات من التشابك بين حقوق الملاك ومستحقات المستأجرين، حيث طالبت الحكومة بإصدار تعديلات جوهرية على القانون رقم 136 لسنة 1981 بهدف إعادة التوازن للعلاقة الإيجارية بين الطرفين؛ فقد تم إقرار تعديلات جديدة على القانون في اللحظات الأخيرة من دور الانعقاد التشريعي، ما أثار موجة من الجدل والقلق في الأوساط السكنية، في وقت يتوقع فيه أن يصادق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون قريبًا.

تعديلات قانون الإيجار القديم وأبرز التغييرات المتوقعة

شهد قانون الإيجار القديم تغييرات جذرية تصب في مصلحتي الملاك والمستأجرين بعد سنوات من الجمود، حيث تضمنت التعديلات إنهاء عقود الإيجار السكني خلال 7 سنوات، وعقود الإيجار غير السكني خلال 5 سنوات، مع تقسيم المناطق السكنية إلى متميزة، ومتوسطة، واقتصادية لتحديد القيمة الإيجارية الجديدة التي ستُرفع بزيادة كبيرة؛ فالمناطق المتميزة ستشتمل على رفع الإيجار حتى 20 ضعفًا بحد أدنى 1000 جنيه، فيما تبلغ الزيادة 10 أضعاف في المناطق الأخرى، إضافة إلى رفع إيجار الوحدات غير السكنية إلى 5 أضعاف القيمة الحالية مع زيادة سنوية تصل إلى 15%

  • إمكانية إخلاء الوحدة إذا بقيت مغلقة لمدة سنة أو توفر بديل للمستأجر
  • حق طلب وحدة بديلة من الدولة للفئات الأولى بالرعاية
  • إلغاء جميع قوانين الإيجار القديمة بعد 7 سنوات من تطبيق القانون الجديد
  • استناد التعديلات إلى حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية تثبيت الأجرة في الإيجار القديم

تكمن أهمية التعديلات في تركيزها على شريحة واسعة من السكان الذين يعيشون في عقود إيجار لطالما حُجرت فيها الحقوق، بالإضافة إلى الخوف من ردود فعل شعبية نتيجة التغييرات المرتقبة، وهو ما يجعل الملف حساسًا للغاية في مصر.

أين يقف قانون الإيجار القديم في ظل الآراء المتباينة؟

يتقاطع قانون الإيجار القديم مع ثلاثة أطراف رئيسية تشكل مثلث الصراع؛ حيث ترى الحكومة أن القانون يمثل خطوة ضرورية لتحقيق توازن بين حقوق الملاك والمستأجرين بعد سنوات من الإشكالات والتجاوزات، ويشجع الملاك الذين اعتبروه انفراجة تنتشل ممتلكاتهم من التجمد الممتد كما يصر المستأجرون على إبقاء الوضع على ما هو عليه حفاظًا على استقرارهم وسط أعباء الحياة اليومية المتزايدة

الطرف الرأي
الحكومة القانون يضمن التوازن ويحمي حقوق الجميع
الملاك تعديلات تمنحهم حق استثمار ممتلكاتهم بعد تجميد طويل
المستأجرون يخشون فقدان الاستقرار والسكن بسبب ارتفاع الإيجارات

هذا الخلاف يعكس حساسية ملف الإيجارات القديمة، الذي ظلّ لفترة طويلة مشكلاً ضغطًا على جميع الأطراف، خاصة بعد حكم المحكمة الدستورية في نوفمبر 2024 الذي اعتبر تثبيت الأجرة مخالفًا للدستور.

لمحة تاريخية وتسلسل قانون الإيجار القديم في مصر

بدأت رحلة قانون الإيجار في مصر منذ صدور القانون رقم 11 لسنة 1920، ثم القانون رقم 151 لسنة 1941؛ حيث رسّخت هذه القوانين مبدأ عدم جواز طرد المستأجر من مسكنه إلا بحكم قضائي، وأوجدت امتدادات تلقائية للعقود تسمح للورثة بالاستمرار في السكن، وهو ما ميّز قانون الإيجار القديم رقم 136 لسنة 1981؛ إلا أن توقف العمل به منتصف التسعينيات دفع إلى إصدار قانون الإيجار الجديد رقم 4 لسنة 1996، الذي بنى العلاقة وفق آليات السوق الجديدة

ورغم ذلك، ظلّت معظم الوحدات السكنية المؤجرة بعقود قديمة غير خاضعة لذلك القانون حتى جاء تدخل التشريع مؤخراً تحت مظلة دعوة الرئيس السيسي وقرار المحكمة الدستورية العليا الذي أعاد فتح الملف المُستعصي

  • القوانين السابقة حمت حقوق المستأجرين عمومًا لكنها جمدت حقوق الملاك لفترات طويلة
  • تسلسل القوانين بين 1920 و1981 دفع لتثبيت عقود الإيجار القديم
  • تعديل القانون الحالي يصب في إعادة توازن العلاقة بين الطرفين للمستقبل

التعديلات الجديدة تحمل أمالًا وتحديات عبر تاريخ طويل من النزاع والتوازنات الهشة التي حاولت القوانين السابقة تنظيمها.

هل تحقق تعديلات قانون الإيجار القديم التوازن المنشود؟

يرى مصطفى عبد الرحمن عطية، رئيس ائتلاف ملاك الإيجارات القديمة، أن القانون الجديد أنهى مرحلة الظلم الواقعة على الملايين من الملاك بالرغم من أنه لا يلبّي كافة تطلعاتهم، لكنها بداية ضرورية لتصحيح أوضاع تعثرت لعقود، فالقانون يمنح مهلة انتقالية تمتد إلى 7 سنوات تسمح بتوفيق الأوضاع وبدء صفحة جديدة من تاريخ العقود الإيجارية

يذكر أن وحدات الإيجار القديم تقارب 3 ملايين وحدة، تسكنها 1.6 مليون أسرة وأكثر من 6 ملايين نسمة مما يوضح حجم الملف وتأثيره الشامل، ويوضح عطية أن التعديلات تخفف من موجة الدعاوى القضائية المرتقب تنفيذها لإعادة تسعير الإيجارات حسب حكم المحكمة

موقف المستأجرين والإجراءات القانونية الممكنة ضد تعديلات قانون الإيجار القديم

في مواجهة التعديلات، يصر المستأجرون على معارضة القانون ويحتفظون بالأمل في أن يرفض الرئيس السيسي التصديق عليه أو يعيده لمجلس النواب، حتى يتسنى إعادة مناقشته بما يحقق التوازن ويمهد لإجراءات تحفظ حقوقهم، بحسب تصريحات ميشيل حليم المستشار القانوني لرابطة المستأجرين، الذي أكد استعداد الرابطة لتقديم طعن أمام المحكمة الدستورية ضد القانون بذريعة عدم تحقيقه العدالة وضعف حماية الفئات الضعيفة

يُضاف إلى ذلك التشكيك في أوضاع البدائل السكنية التي وعدت بها الحكومة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، إذ يرى مستشار الرابطة أن هذه البدائل لن تعوّض المستأجرين عن وحداتهم الأصلية، كما أن القدرة على تحمّل التكاليف من قبل الغالبية ضئيلة، مع تأكيد الحكومة عدم ترك أي مستأجر بدون مأوى والتزامها بتوفير حلول قبل انتهاء المهلة الانتقالية

اللهجة السائدة في الملف لا تخلو من التوتر، وينذر بموجة من التحديات القانونية والاجتماعية في السنوات القادمة التي ستشهد إعادة رسم ملامح سوق الإيجارات والحقوق المرتبطة بها.

close