«تأثير كبير» إزالة الدولرة على الذهب كيف سيغير أسعار المعدن النفيس قريبًا

الدولرة وتأثيرها على الذهب تبرز كأحد أبرز الموضوعات التي تشغل المحللين والمستثمرين مع تسارع نزع الدولرة في عام 2025، إذ تتحول العديد من الاقتصادات، خاصة في جنوب شرق آسيا ومجموعة البريكس، إلى تسوية التجارة بعملاتها المحلية بدلاً من الدولار، ما يؤدي إلى ارتفاع حجم شراء الذهب واستخدامه كملاذ آمن واحتياطي نقدي بديل.

الدولرة بين التراجع وتزايد الطلب على الذهب في 2025

تشهد الأسواق العالمية في 2025 تراجعاً ملحوظاً في هيمنة الدولار كعملة احتياطية، حيث انخفضت نسبته إلى أقل من 47% في مقابل ارتفاع حصة الذهب إلى قرابة 20%، وهذا يعكس الاتجاه المتصاعد في نزع الدولرة واستخدام الذهب كبديل تقليدي وموثوق في إدارة الاحتياطيات، خاصة بين الدول النامية والكتل الاقتصادية الكبرى مثل آسيان والبريكس؛ إذ تعمل هذه الدول على دفع تسويات التجارة بالعملة المحلية وتقليل الاعتماد على الدولار بسبب المخاطر الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية.

وعلى الجهة الأخرى، تواصل البنوك المركزية شراء الذهب بمعدلات مرتفعة جداً، فقد بلغت مشترياتها في الربع الأول من 2025 ما يزيد على 244 طن متري، وهو ما يفوق المتوسط الفصلي لآخر خمس سنوات، بينما يستثمر القطاع الخاص أيضاً بشكل متجدد في صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب، مما يعزز مكانته كأداة تنويع استثماري مهمة.

كيف تؤثر إزالة الدولرة على سعر الذهب والاحتياطيات العالمية؟

إزالة الدولرة وتسريعها في دول الجنوب والآسيوية تؤثر بشكل مباشر على سعر الذهب وحجم الطلب العالمي عليه، وتصاحب هذه التغيرات خطوات استراتيجية واضحة، حيث تعطي رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) أولوية لتسوية التجارة والاستثمار عبر الحدود باستخدام العملة المحلية بين 2026 و2030، مما قد يقلص التعامل بالدولار بنسبة تصل إلى 15% خلال خمس سنوات.

هذه التحولات مرتبطة بعدة عوامل أبرزها:

  • المخاطر الجيوسياسية التي تدفع الدول للبحث عن أصول أكثر أماناً مثل الذهب
  • تغير سياسات الحماية التي تزيد الشكوك حول استقرار الدولار
  • تنويع المحافظ الاستثمارية للبنوك المركزية بعيداً عن العملة الأمريكية
  • ارتفاع الطلب الفعلي على الذهب في الأسواق الاستهلاكية مثل الهند والصين
  • تزايد الاستثمارات في صناديق الذهب المتداولة عالمياً ضمن القطاع الخاص

وتظهر بيانات مجلس الذهب العالمي أن الطلب الرسمي على الذهب يمثل حوالي ربع إجمالي تدفقات الذهب السنوية، وهي أعلى نسبة منذ أواخر الستينيات، مع تسجيل صناديق الاستثمار المتداولة تدفقات مالية قوية في أوائل 2025 بلغت 30 مليار دولار، مما يبرز قوة الرغبة في تحوط المراكز الاستثمارية ضد تراجع قيمة الدولار.

العامل التأثير على الذهب والدولرة
نسبة احتياطي الدولار العالمي انخفاض لأقل من 47%
نسبة احتياطي الذهب العالمي ارتفاع إلى نحو 20%
شراء البنوك المركزية للذهب في الربع الأول 2025 أكثر من 244 طن متري
تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب (نصف 2025) حوالي 30 مليار دولار
توقعات تقليص التعامل بالدولار في آسيان خلال 5 سنوات خفض بنسبة 15%

الدولرة والذهب: دور الذهب في إعادة تشكيل الاحتياطيات العالمية

إن اتجاه إزالة الدولرة لم يولد فقط تراجعاً في هيمنة الدولار، بل أعاد الذهب إلى الواجهة كأصل مالي رئيسي يوفر التحوط المجدي لثروات الدول والمستثمرين على حد سواء، فالذهب يتمتع بهوية مزدوجة كسلعة وشبه عملة، مما يجعله مقاومًا لتقلبات النظام النقدي العالمي ويكسبه أهمية خاصة في ظل الظروف الجيوسياسية المتقلبة والاقتصادية غير المستقرة.

وبالرغم من ذلك، يوضح موقع «إنفيستوبيديا» أن الذهب ليس الخيار الوحيد أو الشامل للتحوط، فالمستثمرون يحتاجون إلى موازنة عدة عوامل منها:

  • وضع العملة المحلية والعالمية
  • السيولة المتاحة للمحافظة على المرونة المالية
  • تكاليف الفرصة ومخاطر التغيير الاقتصادي والسياسي

كما تستمر تلك الديناميكية في جعل الذهب خياراً مفضلاً للبنوك المركزية التي تجدد استثماراتها جغرافياً، مع بروز طلب قوي من القطاعات الاستهلاكية خاصة في الهند والصين، حيث تلجأ الأسر إلى الذهب كوسيلة ادخار بديلاً للدولار، وهو ما قد يعزز أسعار الذهب الفورية إلى مستويات قياسية إذا انتشرت هذه الظاهرة في مناطق أخرى.

وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن الدولرة لم تعد ذلك النموذج الحتمي للهيمنة النقدية، بل يحدث تغييرات جذرية في النظرة لإدارة الاحتياطيات العالمية، مع صعود الذهب كالنجم الواضح الذي يستعيد مكانته وسط الفوضى والمعادلات الجديدة.

close