«تراجع ملحوظ» تراجع التضخم في مصر هل سيؤدي إلى انخفاض الأسعار قريباً؟

هل تنخفض الأسعار بعد تراجع التضخم في مصر إلى 14.9% يُعد أحد الأسئلة الهامة التي تثار مع تراجع معدلات التضخم السنوي في مصر خلال يونيو إلى 14.9% بعدما كانت 16.8% في مايو، حيث أظهرت بيانات رسمية تسجيل التضخم الشهري لأول مرة قيمة سالبة تقترب من -0.1% مما يعكس مؤشرات أولية على بداية كبح موجات الغلاء التي أثرت على قدرة الأسر المصرية في الفترة السابقة، ويربط الخبراء هذا الانخفاض بتراجع أسعار بعض السلع الأساسية مثل اللحوم والدواجن والخضروات التي أسهمت في تحسن طفيف لمعروض السوق الغذائي وتخفيف الضغوط السعرية.

هل تنخفض الأسعار بعد تراجع التضخم في مصر إلى 14.9% في ظل تثبيت سعر الفائدة؟

يشير الباحث الاقتصادي أحمد أبوعلى إلى أن قرار البنك المركزي المصري بتثبيت أسعار الفائدة رغم التراجع الملحوظ في معدلات التضخم، هو بمثابة رسالة واضحة للأسواق تؤكد استقرار السياسة النقدية وعدم توجهها للتشديد أو التيسير غير المدروس؛ إذ يلعب تثبيت الفائدة دورًا في تعزيز ثقة المستثمرين ومنع التقلبات الحادة في سوق النقد، لكنه يؤكد أن هذا الإجراء وحده لا يكفي لتحقيق انخفاض فعلي ومستدام في أسعار السلع، فالحاجة ماسة إلى زيادة حقيقية في الإنتاج المحلي وتحسين سلاسل التوريد لخفض الاعتماد على الواردات التي تزيد الأعباء عندما ترتفع معدلات التضخم عالميًا

فعلى سبيل المثال يوجد عدد من العوامل التي يجب العمل على تعزيزها لتحقيق انخفاض ملموس في الأسعار ومنها:

  • رفع معدلات الإنتاج المحلي خاصة الزراعي والصناعي
  • تحسين البنية التحتية وسلاسل التوريد لتقليل الخسائر وتكاليف النقل
  • تنويع مصادر الاستيراد لتجنب التعرض لتقلبات الأسواق العالمية
  • تعزيز الرقابة على الأسواق لمنع جشع التجار واحتكار السلع
  • دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لخلق فرص عمل وزيادة الدخل الوطني

كما أشار إلى أن تحسن عجز الميزان التجاري وانخفاضه بنسبة 9.5% مع ارتفاع الصادرات بنحو 20% يُظهر توجهًا واعدًا لاقتصاد أكثر تنافسية، بينما صافي الاحتياطي النقدي الذي وصل إلى 48.7 مليار دولار يعتبر دعمًا قويًا لاستقرار سعر الصرف وبالتالي انخفاض عوامل التضخم المستوردة.

هل تنخفض الأسعار بعد تراجع التضخم في مصر إلى 14.9% مع بداية مرحلة التعافي الاقتصادي؟

يعكس الأداء الاقتصادي لمصر خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي نموًا ملموسًا بمعدل 4.8% مقارنة بـ 2.2% في ذات الفترة من العام السابق، ولأول مرة منذ سنوات يُسجل الاقتصاد أقوى أداء فصلي مدعومًا بالقطاع الصناعي والتحويلي غير النفطي الذي شهد نموًا بنحو 16%، وهذه الأرقام تؤكد أن التعافي الاقتصادي بدأ بالفعل، بيد أن تأثيره على خفض الأسعار يبقى متوقفًا على قدرة الاقتصاد على ضمان استدامة هذا النمو وتطوير البنية التحتية المنتجة

وفي تصريحاته، يؤكد أبوعلى أنه لن يتحقق انخفاض مستقر في الأسعار بمجرد تراجع التضخم فقط، وإنما يحتاج الاقتصاد إلى إصلاحات هيكلية متعددة تشمل:

العامل الأهمية في تخفيض الأسعار
تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية خلق فرص استثمارية وزيادة إنتاجية القطاع الخاص
تعزيز الإنتاجية خفض تكلفة الإنتاج وزيادة المعروض في الأسواق
دعم الفئات الأكثر تضررًا توفير الدعم اللازم لمواجهة ضغوط الأسعار
تحسين بيئة الأعمال زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية مما يدعم النمو الاقتصادي

هل تنخفض الأسعار بعد تراجع التضخم في مصر إلى 14.9% بدون تحول هيكلي فعلي؟

يبقى السؤال الأكبر حول مدى ارتباط انخفاض التضخم فعليًا بانخفاض الأسعار التي تشعر بها الأسر والأفراد بشكل مباشر في السوق، حيث يؤكد الخبراء أن التراجع في التضخم السنوي إلى 14.9% يُعد مؤشرًا إيجابيًا لكنه ليس كافياً بذاته للحد من تداعيات موجات الغلاء الكبيرة التي مرت بها مصر خلال الفترات الأخيرة، فالانتقال إلى سعر معيشة مناسب يحتاج إلى:

  • تحسن ملحوظ ومستدام في المعروض السلعي والخدمي بصورة متوازنة
  • رفع كفاءة عوامل الإنتاج لتقليل التكاليف التشغيلية
  • توفير برامج دعم مستهدفة للفئات الأفقر لمواجهة ارتفاع الأسعار
  • إعادة هيكلة النظام الاقتصادي لتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية

من دون هذه الخطوات يظل الاقتصاد هشًا أمام عوامل تضخم جديدة قد تظهر في المستقبل، كما أن تذبذب سعر الصرف واستمرار الاعتماد على الواردات يشكلان خطرًا دفينًا يستوجب إدارة حكيمة للسياسات المالية والنقدية.

في ظل هذه المعطيات، مؤشر تراجع التضخم خطوة مهمة تعكس تحسنًا تدريجيًا في الوضع الاقتصادي لكنها تحتاج إلى جهود إضافية لتحقيق الهدف الأسمى المتمثل في تخفيف الأعباء المعيشية وتثبيت الاستقرار في الأسعار بشكل دائم ومستدام.

close