«جدل قوي» عقيدة استباحة المخالف في الموروث الزيدي الهادوي كيف أثرت على المجتمع؟

الكلمة المفتاحية: خطاب يحيى الرسي

خطاب يحيى الرسي يمثل أساسًا لنظام فكري مغلق يقوم على استعلاء السلالة وإقصاء المجتمع واحتكار الدين والسلطة في ذرية بعينها، ويتسم هذا الخطاب بمنظومة أيديولوجية عنصرية وشركية تُنتج العنف وتُفخّم الذات العرقية وتُقصي المخالفين عقائديا وسياسيا واجتماعيا، فالرسي لا يستخدم مصطلح “الآخر” بل يُعرّف المخالف بـ”الغير” لنفي المساواة العقدية وتحويل المخالف إلى ضد نهائي منزوع الشرعية.

فهم خطاب يحيى الرسي وتحديد مفهوم المخالف داخل النظام الزيدي الهادوي

يرتكز خطاب يحيى الرسي على تمييز جذري بين السلالة التي تعتبر الذات المؤمنة المصطفاة، وبين كل من خالف أو عادى هذه السلالة، فتُصنف الطبقات الثلاث التالية كمخالفين يُستباحون وجوديا وسياسيا:

  • الصحابة الذين نازعوا عليا الإمامة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر، ويتهمهم الرسي بأخذ ما ليس لهم وبتكفيرهم بشكل مفرط
  • العلماء والمذاهب الإسلامية خارج “آل البيت” المزعوم، الذين يُقصون تماماً من شرعية العلم الديني
  • عموم المسلمين بمن فيهم اليمنيون الذين يرفضون إمامة السلالة، ويُعتبرون خصوماً وجوديين تجب محاربتهم وتُشرّع استباحة دمائهم وأموالهم

ويُعبّر هذا الخطاب عن تصعيد متوتر لتضخيم الذات السلالية عبر إلغاء الآخر على كل المستويات سواء الدينية أو السياسية أو الاجتماعية.

خطاب يحيى الرسي في اعتبار الإمامة شرطًا للشرعية الدينية وتأثيره على التجريم السياسي

يرفع خطاب يحيى الرسي مفهوم “الإمامة” إلى مرتبة أعلى من التوحيد والنبوة، حيث يربط الإيمان بها بالنجاة الأخروية، ويفيد بأن إنكار الإمامة هو إنكار لكتاب الله وتمرده، وبالتالي كفر، لأن الإمامة عنده خاصة بذرية الحسن والحسين فقط، ولا يجوز شرعًا للناس المشاركة فيها بالرأي أو البيعة، ومن نسب هذا الرفض إلى كفر وفسق واستباحة دم المخالفين، وتشريع قتالهم في أمور محددة بوضوح:

الأسباب المشروعة للقتال وفق خطاب يحيى الرسي التفاصيل
الزنا بعد الإحصان يعتبر جريمة تستوجب العقاب الشديد بما في ذلك القتل
القتل العمد يستوجب الردع بالعقوبات القضائية والقتال إذا دعت الحاجة
إنكار الإيمان (رفض الإمامة) خروج صريح عن الدين، يُبنى عليه تكفير المخالف واعتباره فئة باغية تستباح دماؤهم وأموالهم

ويصرح الرسي بأن من قاتله يجوز قتلُه وسلبُ ماله ودياره، ومن يرفض بيعتَه مات ميتة جاهلية، ويشترط الإيمان به لقبول العبادات مثل الصلاة والصيام.

دور خطاب يحيى الرسي في تشريع الطبقية الاستعلائية وسرقة حقوق المجتمع

تحولت الإمامة عند الرسي إلى قاعدة شرعية لتمييز طبقي عنصري، حيث يُعتبر آل البيت “العترة” ليسوا فقط فئة صالحة بل قرناء القرآن وأهل الذكر وخزنة الوحي وورثة الأنبياء، هم فقط المصدر الحصري للعلم والشرع ويختصون بحقوق مالية واجتماعية لا تُمنح لغيرهم مثل الخمس والفيء، كما يُحرّم عليهم قبول الصدقات التي تعتبر “أوساخ أيدي المسلمين”، وتُفضل موائدهم على بقية موائد المجتمع في تضخيم للامتياز السلالي، ويربط الرسي النجاة الأخروية بالموالة لهم، ويقضي على من يخالفهم بالهلاك حتى مع العبادات.

تجدر الإشارة إلى أبرز ملاحظات منهجية في خطاب يحيى الرسي:

  • يرتكز على مركزية السلالة كمصدر وحيد للشرعية الدينية والسياسية
  • يستخدم تفسيرًا تعسفيًا للنصوص الدينية لتبرير التمييز الطبقي والعنصري
  • يُقصي المخالفين بناء على تصنيف شرعي يبدأ بالكفر ثم الاستباحة
  • يمنح لنفسه ولذريته طابعاً نبوياً ويطالب بالطاعة كما وصف الرسول
  • يُشرّع القتال ضد المخالفين ويعطي الحق في ضرب أعناقهم وسلب أموالهم

إن فكر الرسي ومذهبه الزيدي الهادوي يعرف إحياءً مستمرًا في جماعة الحوثيين التي تمارس اليوم استباحة الدم ونهب الثروات وتكفير سياسي يعكس امتدادًا حرفيًا لهذا الخطاب.

خطاب يحيى الرسي ليس إرثًا تاريخيًا بل حفرة عميقة تُنقّب في حاضر اليمن لتغذي الصراعات والانقسامات، ومواجهته باتت ضرورة وطنية وثقافية لتحقيق مستقبل أفضل يرفع القيم الجامعة ويقطع مع التمييز والكراهية التي تؤدي إلى مزيد من العنف والاقتتال.

close