تستمر الحرب الإسرائيلية الإيرانية في جذب انتباه مراقبي أسواق الطاقة؛ في ظل التحذيرات من ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات هائلة قد تتجاوز الـ100 دولار، فضلًا عن ترقب الاجتماع المقبل للدول الـ8 الأعضاء في تحالف أوبك+. وتأرجحت أسعار النفط في بداية الحرب، التي اندلعت في 13 يونيو/حزيران 2025؛ إذ قفزت إلى أعلى مستوياتها في 5 أشهر إلى نحو 74 دولارًا للبرميل، ثم انخفضت بشكل طفيف إلى 73 دولارًا، قبل أن تعاود الارتفاع إلى 77 دولارًا. وحتى الآن، استهدف الجانبان البنية التحتية المحلية للطاقة، دون المساس بقدرات التصدير التي من شأنها أن تؤثر في نطاق واسع بأسعار النفط والغاز العالمية. وفي غضون ذلك، تترقّب الأسواق اجتماع الدول الـ8 الأعضاء في تحالف أوبك+، التي تتبنى تخفيضات طوعية إضافية للإنتاج؛ إذ بدأت منذ شهر أبريل/نيسان الماضي التخلص التدريجي من تلك التخفيضات، ولكنها قررت تسريع الوتيرة وفقًا لتطورات الأسواق. وفي هذا السياق، استطلعت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) آراء نخبة من الخبراء، حول توقعاتهم لأسعار النفط حال استمرار الحرب الإسرائيلية الإيرانية لمدّة أطول، ومدى إمكان تدخل الدول الـ8 في أوبك+ بزيادة الإمدادات أكثر من المقرر.
تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية
قال المستشار والخبير بمجال الطاقة في سلطنة عمان، المدير العام للتسويق بوزارة الطاقة والمعادن العمانية -سابقًا- علي بن عبدالله الريامي، إن الحرب الإسرائيلية الإيرانية لا تزال في بدايتها، ومن الصعب أن تستمر لمدّة طويلة. وأضاف الريامي، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة، أن أسعار النفط كانت مستقرة في الأيام الأولى من الحرب عند 73-75 دولارًا للبرميل، وستستمر عند هذا المستوى في ظل استمرار الظروف الحالية كما هي. ولكن إذا اتجهت إسرائيل وأميركا إلى التركيز على ضرب المنشآت النووية والنفطية والبنية الأساسية للنفط أو الكهرباء أو الغاز، قد نرى زيادة في الأسعار. وشدد الريامي على أنه ما دام أن إيران ظلت قادرة على إنتاج النفط وتصديره بالشكل الحالي؛ فإن التأثير في أسعار النفط قد يكون محدودًا في الارتفاع. ولكن إذا تأثر النفط الإيراني وانخفضت صادراته إلى الأسواق الآسيوية؛ فقد نرى ارتفاعًا بأسعار النفط قليلًا في حدود دولارين أو 3 دولارات، بحسب تصريحات الريامي. وقال: “الاحتمال الأكبر إذا اتجهت إيران إلى محاولة زعزعة حركة الملاحة في مضيق هرمز، قد نشهد ارتفاعات أكثر من ذلك؛ إذ قد تصل أسعار النفط إلى فوق 85-90 دولارًا حدًا أقصى. وأضاف: “قد تصل الأسعار إلى حدود 100 دولار أو 120 دولارًا فقط في حالة غلق مضيق هرمز، وإن كان ذلك أمرًا صعبًا”. من جانبها، توقعت مؤسِّسة مركز “فاندا إنسايتس” المعني بأسواق الطاقة فاندانا هاري، أن يحافظ النفط الخام على جزء كبير من علاوة المخاطر الحالية التي تبلغ نحو 10 دولارات للبرميل، طالما استمرت الحرب الإسرائيلية الإيرانية على المنوال نفسه الذي شهدناه منذ 13 يونيو/حزيران. وقالت هاري، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة: “إنه وضْع يشهد درجة عالية من التقلب؛ لذا أتوقع تقلبات كبيرة في أسعار النفط مع صعود وهبوط علاوة المخاطر -وإن كان ذلك في نطاق ضيق نسبيًا- عند أدنى إشارة على تصاعد التوترات أو انحسارها”. وتابعت: عندما يهدأ الوضع، أتوقع أن يعود خام برنت إلى نطاق يتراوح بين منتصف الستينيات وأواخرها، في انتظار نتائج مفاوضات الرسوم الجمركية الأميركية مع شركائه التجاريين حول العالم في أوائل يوليو/تموز، ومع الصين بعد شهر”.
ارتفاع أسعار النفط في حالة واحدة
قال رئيس تحرير منصة “بتروليوم إيكونوميست” بول هيكن، إنه من المرجح أن ترتفع أسعار النفط فقط إذا تصاعدت الحرب الإسرائيلية الإيرانية إلى حد يؤثر بشكل كبير في قدرة إيران على تصدير النفط الخام. وأوضح هيكن، في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة، أن معظم النفط الإيراني يتدفق عبر جزيرة خارج، ميناء التصدير الرئيس في البلاد، والتي تستوعب ما يقرب من 1.5 مليون برميل يوميًا. وأشار إلى أن تحالف أوبك+ يمتلك طاقة إنتاجية فائضة كبيرة -نحو 4 ملايين برميل يوميًا- ويُمكنه بسهولة تغطية العجز، لكن السوق ستبدأ في احتساب علاوة مخاطرة أعلى بكثير عند هذه النقطة. وقال هيكن: “في هذا السيناريو، ستصبح أسعار النفط أكثر تقلبًا، وستبدأ في التحرك فوق الـ100 دولار إذا أصبحت إيران عاجزة عن استعمال وسائل أخرى لتصدير نفطها”. وأضاف أن المخاطر بعد ذلك تنتقل إلى نقطة الشحن الرئيسة -مضيق هرمز- وإمكان تعطيل إيران لتدفقات النفط عبر الممر المائي. و”رغم أن أي إغلاق لا يزال مستبعدًا؛ نظرًا إلى أهميته العالمية والتدخل العسكري الذي قد يحدث، فإن هناك العديد من الطرق لإعاقة صادرات النفط، والتي ربما شهدنا بعضها بالفعل”، بحسب ما أكده هيكن في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة. من جانبها، رأت رئيسة شركة “إس في بي إنرجي إنترناشيونال” الدكتورة سارة فاخشوري، أن الصراع الحالي لم يؤثر حتى الآن في إمدادات النفط وتدفقاته. وقال فاخشوري، في تصريحاتها إلى منصة الطاقة المتخصصة: “بالطبع، شهدنا تحولًا في مشهد المخاطر، وانتقلنا من التوتر المحتمل إلى الصراع النشط؛ ما أدى إلى احتساب علاوة في الأسعار الحالية.. لكن أي تغييرات في الأسعار ستعتمد على اتجاه الصراع”.