«تفاوت مذهل» كارثة اقتصادية اليمن كيف يؤثر سعر الدولار والهلاك في عدن وصنعاء؟

ريال اليمن يشهد أزمة خانقة بفجوة صرف تاريخية بين العاصمة المؤقتة عدن ومناطق صنعاء التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، الأمر الذي يهدد بإنهيار شامل للنظام النقدي في البلاد ويؤدي إلى تفاقم معاناة المواطنين في الحياة اليومية وسط تدهور اقتصادي غير مسبوق بمستويات تؤثر على استقرار الوحدة النقدية اليمنية بشكل خطير، مما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي والاجتماعي في اليمن.

تأثير ريال اليمن على الفجوة النقدية بين عدن وصنعاء

انهيار الوحدة النقدية في اليمن يظهر بوضوح من خلال تباين سعر صرف الدولار الأمريكي الذي ارتفع إلى 1632 ريالاً للبيع في عدن، مقابل 540 ريالاً فقط في صنعاء وهو ما يشير إلى فجوة قدرها 1092 ريالاً يمنياً تسببها السياسات المصرفية المتناقضة التي تعتمدها السلطات في كل من البنك المركزي بعدن والبنك المركزي في صنعاء، إذ لم يتوقف هذا التباين عند الدولار فقط بل شمل العملات الأخرى كالريال السعودي حيث سجل 428 ريالاً في عدن مقابل 140.5 في صنعاء، إضافة إلى تفاوت ملحوظ في أسعار الدرهم الإماراتي، مما يكشف عن أزمة نقدية شاملة تؤثر على الاقتصاد والمعيشة.

هذا التفاوت الكبير في أسعار العملات الأجنبية يخلق تحديات معيشية واقتصادية مزمنة للمواطنين؛ فالمسافرون بين المدينتين يواجهون تعقيدات كبيرة في تحويل أموالهم، والمغتربون يعانون في تحديد الأماكن التي تصلح لإرسال تحويلاتهم، وهذا ما يغذي بيئة مالية مشوهة تطبق فيها مصطلحات مختلفة لتكلفة المعيشة والاستثمار رغم وجود بلد واحد.

تداعيات ريال اليمن على سوق الذهب وتأثيراتها الاقتصادية

الانقسام النقدي لا يقتصر على العملات فقط بل امتد ليشمل أسعار الذهب التي تشهد هوة كبيرة تتجاوز 300% بين عدن وصنعاء، حيث يبلغ سعر جرام الذهب عيار 21 في صنعاء نحو 51,500 ريال للبيع بينما يقفز إلى 195,000 ريال في عدن، وهو اختلاف يضاعف الأعباء المالية على المستهلك جنوب البلاد خاصة عند شراء جنيه الذهب الذي يساوي 400,000 ريال في صنعاء مقابل 1,475,000 ريال في عدن، وهو ما يبين حجم الأزمة التي يعانيها ريال اليمن في الحفاظ على قيمته وترابطه مع المواد ذات الأهمية الاقتصادية مثل الذهب.

ينشأ هذا الانقسام الكبير في سوق الذهب نتيجة فشل النظام المصرفي اليمني في الحفاظ على المستويات النقدية الموحدة، إذ يعمل البنك المركزيان في عدن وصنعاء بسياسات نقدية متعارضة تؤدي إلى تعميق هذه الفجوة في القيمة والمعيشة، ويضع هذا الوضع اليمن في وضع غير مسبوق عالمياً، حيث يبرز انقسام نقدي داخلي داخل حدود الوطن ذاته بعيداً عن النماذج الاقتصادية المعاصرة.

تحديات استمرار ريال اليمن في ظل الانقسام النقدي وتأثيراته على الحياة اليومية

تحمل الفجوة النقدية التي يشهدها ريال اليمن انعكاسات مباشرة على الأسعار النهائية للسلع والخدمات، وهي نتيجة لتكاليف نقل التجارة بين المناطق المختلفة التي تشمل تأمين السلعة والمخاطر الأمنية والعمولات المتعددة التي تزداد على المدى، حيث تتشكل أسواق نقدية مستقلة تختلف فيها مستويات العرض والطلب بشكل كبير بين المناطق الشمالية والجنوبية، مما يزيد من تعقيد عملية توحيد أسعار الصرف مستقبلاً ويثير قلق الاقتصاديين والمراقبين الدوليين على حد سواء.

على النحو التالي قائمة بأبرز العوامل التي تُعمّق فجوة سعر صرف ريال اليمن:

  • استخدام نظامين نقديين منفصلين للبنك المركزي في عدن وصنعاء
  • تطبيق سياسات نقدية متعارضة تؤثر على العملات المحلية والأجنبية
  • التحديات اللوجستية والتكاليف الإضافية لنقل التجارة بين المناطق
  • الاختلاف الشديد في القوة الشرائية للمواطنين بين المناطق
  • انعدام الاستقرار في أسعار صرف العملات على مستوى الوطن ككل
العملة السعر في عدن (ريال) السعر في صنعاء (ريال) فارق السعر (ريال)
الدولار الأمريكي 1632 540 1092
الريال السعودي 428 140.5 287.5
درهم الإمارات 433-450 مستقر غير محدد
جرام الذهب عيار 21 195,000 51,500 143,500
جنيه الذهب 1,475,000 400,000 1,075,000

في ظل هذه الظروف، وحتى مع بعض الاستقرار النسبي الذي شهدته أسعار صرف الريال في عدن مؤخراً نتيجة جهود حكومية مؤقتة، تظل فجوة سعر صرف ريال اليمن بين المحافظتين مصدراً مستمراً للتوتر وعدم الثقة الاقتصادية، ويعاني المواطن العادي من تأثير هذا الانقسام على حياتهم اليومية في المواد الأساسية من مأكل ودواء إلى خدمات النقل والمواصلات، مما يشير إلى أن ريال اليمن يعيش أزمة نقدية مستعصية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمستقبل اليمن الاقتصادي والاجتماعي.

في ظل هذا الواقع، لا يمكن إلا أن يكون التحدي أمام إعادة توحيد النظام النقدي في اليمن مضنٍ ومعقد بسبب تراكم الأزمات واضطراب الأسواق، وقد يتطلب استعادة ثقة المجتمع في ريال اليمن إجراءات مالية وتنظيمية جذرية تأخذ بعين الاعتبار سنوات الانقسام الطويلة وصعوبة التعامل مع نظام نقدي مفكك ومتعدد الأوجه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top