«ضغط رقمي» ذاكرة الهاتف ممتلئة هل تؤثر الصور على استمتاعنا باللحظة الحاضرة

الكثرة الهائلة من الصور التي نلتقطها يومياً أثرت بلا شك على الذاكرة البشرية بشكل واضح، إذ يقول الكثيرون إن كثرة التصوير قد تجعل ذاكرتهم أضعف مع الوقت هذا الأمر دفع البعض إلى البحث عن توازن بين التقاط الصور وعيش اللحظة بوعي، ولا شك أن فهم تأثير التصوير على الذاكرة أصبح ضرورة مع تسارع حياتنا الرقمية وتراكم الصور على أجهزة الهاتف.

كيف تؤثر كثرة التقاط الصور على الذاكرة الشخصية

تتغير طريقة عمل الذاكرة عندما نعتمد بشكل كبير على الأجهزة الذكية التي تلتقط الصور بدلاً من ذاكرتنا، فبحسب الباحثة جوليا سواريس المتخصصة في تأثير التقنية على الدماغ، تراجع الحصين المسؤول عن تثبيت التجارب الجديدة عند التقاط الصور بكثرة، مما يضعف قدرتنا على تذكر التفاصيل مقارنة بمن يكتفي بالمشاهدة فقط وفي تجربة علمية على زوار المتحف تبين أن الذين شاهدوا الأعمال الفنية دون تصوير تحملوا التفاصيل بشكل أفضل وأجابوا بنجاح أعلى على أسئلة تتعلق بها، مما يؤكد أن التقاط الصور المستمر يجعل الدماغ يعتمد على الهاتف بدلاً من الذكريات الداخلية التي نحتاجها لبناء سرد حياتنا الشخصي.

الصور بين أداة لتعزيز الذكرى وسبب في ضعفها

لا يمكن إنكار أن الصور أحياناً تعيد إحياء مشاعر وتجارب ماضية، كما ترى دينا التي تبدأ لحظاتها بسرعة قبل أن تشعر بانخفاض ذاكرتها وتجد في الفيديوهات المصورة ملجأً لاسترجاع مشاعر السابق لكن في المقابل هناك دراسات أثبتت أن التصوير المستمر دون تفاعل يجعل الذاكرة أكثر هشاشة، حيث يقول عالم النفس فابيان هوتماخر: البحث الطويل عن الزاوية أو تصوير المواقف يقلل من الانغماس في اللحظة ويضعف استمتاعنا بها أما إذا كانت الصورة مرتبطة بعاطفة قوية فإنها تعزز الذكرى لاحقاً لهذا ينصح بتنظيم الصور ومراجعتها بانتظام لأنه بدون التنقيح تختلط علينا الصور وتفقد معناها وهذه النقطة بالذات تجعل من التخزين العشوائي تهديداً لذاكرتنا.

توصيات عملية لحماية الذكريات وتنظيم الصور الرقمية

للحفاظ على التوازن بين التصوير وفعالية الذاكرة، يمكن اتباع عدة خطوات تساعد في تعزيز الذكريات وتنظيم الصور بشكل مفيد:

  • خصص هاتفاً أو جهازاً منفصلاً للتصوير لتفادي التشويش والازدحام على الأجهزة الشخصية
  • راجع صورك بانتظام لتعيد ربطها بالذكريات والمشاعر المختزنة
  • لا تفرط في التصوير خلال اللحظات المهمة لتتمكن من عيشها بعمق
  • قم بحذف الصور غير المرغوبة التي تمثل تجارب مؤلمة أو أقل أهمية ولكن بحذر
  • شارك صورك على وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز تذكر التجارب من خلال التفاعل الاجتماعي
نوع التعامل مع الصور تأثيره على الذاكرة
الاعتماد المفرط على التصوير ضعف الاحتفاظ بالتفاصيل وتراجع الذكريات الداخلية
التفاعل مع الصور ومراجعتها تعزيز الذكريات القديمة وتحسين استعادة المشاعر
حذف الصور المؤلمة بعناية قد يؤدي إلى ضبابية أو ضعف الذكرى المرتبطة بها
مشاركة الصور الاجتماعية تقوية الذكرى من خلال التواصل والتفاعل

يشرح المصوّر نبيل إسماعيل كيف ترتبط الصور بالعقل بشكل فريد، فالذاكرة البشرية تخزن المعلومات بشكل عمودي حسب أهميتها، أما الصورة فتُخزن كل شيء بشكل أفقي ومتساوٍ، لذلك يعيد النظر في الصور استحضار أحداث وتفاصيل مخفية في الذهن ولا تتكرر إلا من خلال الصورة المباشرة كذلك أكد إسماعيل أن الذكريات ليست ثابتة، وتتغير مع مرور الزمن وخبراتنا الجديدة، بينما الصور تبقى كما هي حاملة ثباتاً زمنياً مميزاً.

إجمالاً، التقاط الصور بات جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، لكنه يحتاج إلى وعي عميق بكيفية استخدام هذه الصور للحفاظ على الذكريات الحقيقية التي تشكل هويتنا، وبمراجعة وتنظيم مستمر للصور يمكن تحويلها إلى مساعدين فعليين للذاكرة بدلاً من أن تصبح سبباً في تآكلها.

عيش اللحظة بوعي والتقاط الصور بعناية هما مفتاحا تقوية ذاكرة غنية تدوم، فالذاكرة ليست كاميرا ثابتة، بل طيف من المشاعر والقصص التي تستحق اهتمامنا المستمر.

close