جهاز تنظيم ضربات القلب هو اختراع طبي ثوري دخل عالم الرعاية القلبية بحجم صغير جداً وأداء مدهش، حيث طور باحثون بجامعة نورث وسترن الأمريكية جهاز بحجم أصغر من حبة أرز يمكن حقنه مباشرة في القلب دون حاجة إلى جراحة معقدة، مما يقلل كثيراً من مخاطر المضاعفات التقليدية ويفتح الباب لحلول مبتكرة خصوصاً للأطفال الذين يخضعون لعمليات شاقة في القلب.
جهاز تنظيم ضربات القلب الجديد وأثره في علاج اضطرابات نبض القلب
تنتشر أجهزة تنظيم ضربات القلب التقليدية لتثبيت معدل نبض القلب والحماية من اضطرابات الإيقاع الضارة، مع زرع نحو 1,000 جهاز أسبوعياً في مرضى هيئة الخدمات الصحية البريطانية، وقد ساعدت هذه الأجهزة في إنقاذ حياة الآلاف منذ عام 1958، لكنها تحمل مخاطر متعددة تشمل العدوى، تشكل الجلطات الدموية، تلف الأعصاب، بالإضافة إلى تعطل العمل نتيجة تحرك الأسلاك أو انقطاعها وأيضاً احتمال حدوث مضاعفات جراحية ناجمة عن تركيبها أو إزالتها بعد فترة، لكن جهاز تنظيم ضربات القلب الجديد الذي يُحقن في عضلة القلب بدون أسلاك أو بطارية ويذوب تدريجياً داخل الجسم، يزيل هذه المخاطر التقليدية، إذ يعتمد على تفاعل كيميائي يولد الطاقة اللازمة لتنظيم نبضات القلب، ويتم التحكم فيه بواسطة قرص صغير يوضع على الجلد فوق القلب ليطلق نبضات ضوئية بالأشعة تحت الحمراء عند اكتشاف خلل في الإيقاع.
كيف يعمل جهاز تنظيم ضربات القلب محل الأسلاك ويقدم حلاً آمناً للأطفال؟
استخدم الجهاز الجديد طور تكنولوجيا متطورة من المعادن التي تذوب داخل جسم المرضى بعد فترة محددة تتراوح بين أسابيع إلى أشهر، وهو أمر قيد الدراسة حالياً، ما يعني أنه ينهي الحاجة للجراحة لإزالة الجهاز ويقلل فرص العدوى وتكون الأنسجة الندبية، ويأتي هذا الابتكار استجابة للحاجة الماسة لمراقبة آمنة مؤقتة لقلب الأطفال حديثي الولادة الذين يتجاوز عددهم في المملكة المتحدة 6,000 طفل يعانون من عيوب خلقية بالقلب ويحتاجون إلى عمليات ناجحة تليها مراقبة دقيقة جيدة الإعداد لنبضات القلب مما يخفف الحرج الطبي وفترة التعافي التي غالباً ما تنطوي على أخطار حين تدخل أجهزة تنظيم مؤقتة كما تركّز التطورات الحالية على استعمال عدة أجهزة صغيرة تُحقن في مواقع متعددة داخل القلب خلافاً للأقطاب الكهربائية التقليدية الموجودة في موضع واحد، ما يوفر دقة أكبر لمراقبة النشاط الكهربائي وضبط العلاج الملائم.
التجارب والآفاق المستقبلية لجهاز تنظيم ضربات القلب الصغير
أثبتت التجارب الحيوانية التي نُشرت في دورية “نيتشر” أن جهاز تنظيم ضربات القلب الجديد قادر على تصحيح اضطرابات النبض بسرعة وكفاءة عاليتين، فيما أعلن البروفيسور جون روجرز قائد البحث وأستاذ هندسة المواد أن هذا الجهاز هو الأصغر عالمياً في هذا المجال، مع توقع بدء التجارب السريرية على البشر خلال عامين إلى ثلاثة، وبرزت ردود الفعل الإيجابية من عدة مختصين في مجال القلب؛ إذ اعتبر البروفيسور فرانسيسكو ليفا-ليون أن في تقليل الحاجة للجراحة ثورة في مدى أمان مراقبة القلب وتقليل العدوى، بينما قال البروفيسور جيري ستانسبي إن إذابة الجهاز داخل الجسم وحقنه بدون جراحة يمثلان نقلة مهمة، خصوصاً في علاج الأطفال الذين تشكل الجراحة لهم تحدياً كبيراً.