«هبوط مريح» انخفاض الدولار هل هو تهدئة مدروسة أم استعداد للعاصفة المقبلة؟

سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي يشهد انخفاضًا تدريجيًا ملموسًا منذ أسابيع متجاوزًا في يوليو 2025 حاجز 150 ألف دينار ليصل إلى 139,500 دينار لكل 100 دولار، ويرجع ذلك إلى تراكب عوامل محلية وخارجية متعددة منها تشديد الرقابة المالية وتراجع الطلب الموازي وانفراج إقليمي في ملف إيران، إضافة إلى ارتفاع احتياطيات العراق من العملة الأجنبية مما يعزز من استقرار السوق ويعطي مؤشرات إيجابية للاقتصاد العراقي.

عوامل تأثير سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي في السوق الرسمية

انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي جاء استجابة لشروط وضوابط جديدة فرضتها الحكومة والبنك المركزي على التحويلات المالية الخارجية وزيادة الإمدادات الرسمية من العملة الصعبة، حيث عزز البنك المركزي مزاداته اليومية لبيع الدولار بهدف تلبية الطلب المشروع للمستوردين والتجار، وهذا بدوره قلل الضغط على العملة المحلية وفجوة السوق الموازي التي كانت تنعكس سلبًا على سعر الدولار، كما أن ارتفاع أسعار النفط عالميًا ساعد العراق على زيادة احتياطياته من العملة الصعبة مما يدعم قدرة البنك على ضبط سعر الصرف ويقلل الاعتماد على السوق الموازية.

المتابعة الدقيقة من قبل المؤسسات المالية الدولية، ومنها التعاون مع وزارة الخزانة الأمريكية، لعبت دورًا حاسمًا في تقليل عمليات التلاعب والتحويلات غير القانونية مما أسهم في خفض الطلب غير المشروع على الدولار، إلى جانب انخفاض الطلب الموسمي كما في أعقاب موسم الحج الذي يقود إلى تراجع طبيعي في حركة الاستيراد والطلب على الدولار، وبذلك تزداد ثقة المتعاملين بالسوق الرسمية ويبدأ الدينار في تقوية قيمته بالمقارنة مع العملة الخضراء.

تأثير تخفيف القيود على إيران على سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي

أحد العوامل المُساعِدة في خفض سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي تمثل في تخفيف العقوبات والقيود المفروضة على إيران الأمر الذي أدى إلى تدفق حوالات مالية من دول الخليج مع استمرار النفط الإيراني في التقاطعات التجارية مع الصين وعدم التحرك الأمريكي نحو فرض عقوبات إضافية، مما خفف العبء المالي على العراق في السوق المحلي، ومن ثم أقدم البنك المركزي على رفع سقوف تعبئة الدولار بحيث وصلت بطاقة التعبئة العادية لـ5000 دولار والمتقاعدين لـ10000 دولار، بينما الشركات السياحية والطبية تضاعف هذه السقوف بشكل ملحوظ.

يتيح رفع هذه السقوف إمكانية التدفق السلس للعملة الأجنبية داخل وخارج العراق وخاصةً لفئة صغار التجار الذين يستفيدون من حركة السيولة، ومع هذا لا يغيب الانخفاض النسبي في وتيرة التجارة الخارجية بسبب تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة التي تحد من الاستيراد غير المشروع وتساعد في ضبط السوق، وتأتي هذه التحركات وسط أمل في المزيد من المعالجات التي تستهدف الحد من تهريب العملة والتلاعب في السوق الموازي عبر المناطق ذات الطبيعة الخاصة مثل إقليم كردستان.

  • تخفيف العقوبات الدولية على إيران
  • رفع سقوف التعبئة بالدولار
  • تنظيم التحويلات المالية والقضاء على السوق الموازي
  • تطبيق الرسوم الجمركية لخفض الاستيراد غير الرسمي

التحديات والآفاق المستقبلية لسعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي

بالرغم من التحسن الملحوظ في سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي، إلا أن الاستقرار الناجم عن تداخل عوامل رقابية واقتصادية وسياسية يبقى هشًا وقابلًا للتقلب مع أي ضغط سياسي أو موسمي متوقع، فعودة نشاط السوق الموازي أو تراجع الطلب الخارجي يمكن أن يعيد الحالة إلى الارتفاع وهو ما يحذر منه المختصون الماليون بشكل دائم، هذا يتطلب من الحكومة والبنك المركزي مواصلة جهودهم الإصلاحية وتعزيز الثقة بالقطاع المالي وتثبيت إجراءات الرقابة التمويلية.

الجدول التالي يوضح مقارنة بين بعض مؤشرات السوق الرسمية والموازية وتأثيرها على سعر صرف الدولار مقابل الدينار:

المؤشر السوق الرسمية السوق الموازية
سعر الصرف الحالي 139,500 دينار لكل 100 دولار 150,000 دينار وأكثر
حركة التداول منظمة ورقابية غير رسمية وعالية المخاطر
الطلب مخفض بفعل الرقابة مرتفع خلال الأزمات السياسية
التأثير على الاقتصاد يدعم الاستقرار المالي يؤدي إلى تقلبات غير متوقعة

مراقبة حركة سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي تثبت أن التصحيح الحالي ليس مؤقتًا فقط بل ناتج عن تضافر عوامل داخلية وخارجية على الرغم من التحديات، ويبقى أكثر ما يضمن استمرارية الانخفاض والتوازن هو التزام الجهات المعنية بسياسات مالية حازمة وإصلاحات عملية ومتابعة دقيقة لتطورات الأوضاع الإقليمية.

الظروف الحالية تُشير إلى فرص حقيقية لتحسن قيمة الدينار لكن مع ضرورة اليقظة للتقلبات والضغوط التي قد تعيد الدولار إلى الارتفاع، ومازال الأمل معلقًا على التعامل الحكومي السريع مع المشاكل التقليدية للسوق الموازي والامتناع عن التراخي في فرض الرقابة ومكافحة تهريب العملة عبر المنافذ المختلفة.

close