الدولار في السوق الموازي يشهد تقارباً ملحوظاً مع السعر الرسمي بفضل خمسة عوامل رئيسية تُسهم في تقليص الفجوة بين السعرين بشكل تدريجي، حيث يبلغ سعر صرف الدولار الرسمي في البنك المركزي العراقي 132 ألف دينار لكل 100 دولار بينما اقترب سعره في السوق الموازي من 139 ألف دينار في بغداد وكوردستان، وهذه الفجوة التي كانت كبيرة بدأت تتلاشى عبر سياسات حكومية متعددة تستهدف الحد من التعامل بالدولار داخل البلاد وتحقيق التوازن الذي يعكس استقرار السوق
العوامل المؤثرة في تقليص فجوة الدولار في السوق الموازي والسعر الرسمي
تتعدد الأسباب التي أدت إلى اقتراب سعر الدولار في السوق الموازي من السعر الرسمي، ويرى المستشار المالي أن أول هذه العوامل هو منع التعامل بالدولار نقداً داخل العراق وخصوصاً في سوق العقارات، مما قلل من ظاهرة الدولرة التي كانت منتشرة، إضافة إلى اعتماد سياسة التعزيز بالنقد الأجنبي عبر المصارف العالمية المراسلة التي تدخلت بشكل فعّال بعد إغلاق نافذة البنك المركزي مع بداية العام الحالي، وهذه الخطوة قللت من الحاجة إلى التمويلات غير الرسمية التي تصاحبها كلف عالية وتأثير سلبي على سعر الصرف
كما ساهم دخول صغار المستوردين في منظومة التمويل الرسمي واعتمادهم على سعر صرف ثابت عند التحويلات الخارجية في تقليل الفجوة، إذ يشكل هؤلاء نحو 60% من حجم التجارة الخارجية، وهو رقم يؤكد أهمية إشراك القطاع الخاص في الحلول الحكومية، هذا بجانب التوسع المتزايد في استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني بالعملات الأجنبية من قبل المسافرين، مما خفف من الطلب على الدولار النقدي وأتاح فرصاً جديدة للحصول على العملات الأجنبية بحصص مضمونة عبر المطارات وفق ضوابط منظمة وشفافة
وأخيراً تلعب سياسة الدفاع السعري دوراً محورياً من خلال التعاونيات التي توفر السلع الاستهلاكية ومواد البناء بأسعار محسوبة وفق سعر الصرف الرسمي للبنك المركزي، الأمر الذي يعكس توازناً متكاملاً بين السياسات النقدية والمالية والتجارية الحكومية مما يعزز من استقرار السوق ويساعد على الاحتواء التدريجي للفجوة بين السعرين ليتحول الفوارق إلى تكلفة معاملات بسيطة فقط
تأثير تقليص الفجوة بين الدولار في السوق الموازي والسعر الرسمي على الاقتصاد العراقي
تقليص الفجوة بين سعر الدولار في السوق الموازي والسعر الرسمي يقلل من المخاطر التي كانت تحيط بالاقتصاد الوطني عبر الاعتماد الكبير على السوق غير الرسمية والتي ترفع من تكلفة التمويل وتزيد من تقلبات الأسعار، هذا التوازن الواضح بين السعرين ينعكس إيجابياً على قطاعات عدة مثل الاستيراد والتصدير والاحتياطي النقدي، مما يوفر بيئة أكثر استقراراً وجاذبية للاستثمارات الأجنبية والمحلية
كما أن توسع استخدام نظام التمويل الرسمي والتعامل عبر المصارف المراسلة يعزز من شفافية السوق ويتيح رقابة أفضل على العمليات المالية، ويقلل من احتمالات الدخول في دوامات الديون والتمويل غير القانوني، الأمر الذي يحفز النمو الاقتصادي بشكل مستدام ويقود إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني بفعالية أكبر بما يخدم تحسين مستوى المعيشة ورفع القدرة الشرائية للعملة المحلية