تحذير 90٪ من الأدوية داخل الصيدليات منتهية الصلاحية والشركات ترفض السحب بدون قانون

في ظل الأزمات المتكررة التي تواجه قطاع الصيدلة على مدار السنوات الماضية، برزت مشكلة الأدوية منتهية الصلاحية كأحد التحديات الكبرى التي تؤثر سلبًا على استقرار السوق الدوائي، وقد بات من الضروري فهم التفاصيل المتعلقة بهذه الأزمة لتحسين آلية التعامل معها بفعالية. الأدوية منتهية الصلاحية ليست مجرد عبوات متراكمة بل تمثل خطرًا صحيًا وماليًا على الجميع، وهو ما دفع هيئة الدواء المصرية لإطلاق مبادرة لسحب هذه الأدوية بهدف تحسين الوضع.

كيف تُدار أزمة الأدوية منتهية الصلاحية في السوق المصري؟

الدكتور حاتم البدوي، أمين عام شعبة الصيدليات باتحاد الغرف التجارية، أكد أن تسجيل كميات الأدوية منتهية الصلاحية هو الخطوة الأولى في المبادرة التي تقودها هيئة الدواء، لكن السحب الفعلي لم يبدأ بعد، ومن هنا تتأخر الأمور بعض الشيء. هذا التأخير في سحب الأدوية منتهية الصلاحية دفع الصيادلة لتحمل عبء خسائر متزايدة، خاصة وأن الأدوية التي تم تسجيلها تجاوزت الـ 17 مليون عبوة داخل الصيدليات، وهي كمية ضخمة غير مسبوقة. ويضيف أن هذا الكم الكبير يظهِر فشلًا طويل الأمد في وجود آلية قانونية ملزمة لشركات التوزيع بسحب هذه الأدوية، مما يجعل الصيدلي في موقف صعب بين تحمل الخسائر ومحاولة الحفاظ على سوق دوائي آمن.

لماذا تعاني الصيدليات من تراكم الأدوية منتهية الصلاحية؟

تراكم الأدوية منتهية الصلاحية يعود بشكل رئيسي إلى ضعف تنفيذ آليات الشفافية والمسؤولية من جانب شركات التوزيع، حيث يقول البدوي إن هذه الشركات لم تستمر في سحب الأدوية كما كان الحال منذ 25 سنة، إذ انخفضت نسب السحب بشكل كبير إلى أقل من 1٪ خلال السنوات الست الماضية. ولهذا، يشعر الصيدلي بأن الخسارة تقع على عاتقه وحده، بالرغم من أن الأدوية ما زالت ملكًا للشركة المصنعة أو الموزعة، وفي غياب تحفيز قانوني، تستمر المشكلة وتتفاقم. وتبرز المخاطر الاجتماعية والاقتصادية في إمكانية تداول هذه الأدوية مجددًا في السوق بشكل مغشوش نتيجة إلقائها في القمامة وإعادة تدويرها من قبل النباشين.

  • ضرورة وجود قانون ملزم لسحب الأدوية منتهية الصلاحية بشكل دوري ومستمر
  • تعويض الصيدلي عن أي خسائر ناجمة عن بقاء هذا النوع من الأدوية في الصيدليات
  • تفعيل الرقابة الدورية من هيئة الدواء لمتابعة تنفيذ إجراءات السحب والتخلص الآمن
  • توعية الشركات بأهمية الحفاظ على بيئة دوائية صحية وآمنة

تفاوت نسب تسجيل الأدوية منتهية الصلاحية بين المحافظات وأثره

تشير تصريحات البدوي إلى وجود تفاوت ملحوظ في نسب تسجيل الأدوية منتهية الصلاحية بين المحافظات المختلفة، وهو أمر متوقع نظرًا لاختلاف ظروف كل منطقة وعدد الصيدليات الفاعلة بها. ولكنه لا يعتبر هذا التفاوت مشكلة جوهرية بل جزء طبيعي من مراحل تنفيذ المبادرة الوطنية، مع التشديد على ضرورة مواصلة التنسيق بين الصيادلة وهيئة الدواء لتسهيل سحب الأدوية وتحقيق التزام قانوني حقيقي يحمي السوق. هذا التنسيق يسمح للتحديات أن تُحل بشكل تدريجي ويُحول دون تفاقم الأزمة، خاصة وأن المبادرة تستمر خلال الأشهر القادمة وتخطط لإجراءات قانونية صارمة تجاه الجهات التي لم تلتزم.

المحافظة عدد عبوات الأدوية المسجلة (مليون) نسبة المشاركة في المبادرة
الوادي الجديد 5.5 عالٍ
السويس 4.2 متوسط
سوهاج 3.8 مرتفع
محافظات أخرى 3.5 متفاوت

يتضح أن وجود أكثر من 17 مليون عبوة دوائية منتهية الصلاحية يمثل مؤشرًا خطيرًا على تحدّي بنيوي يحتاج تعاونًا حقيقيًا بين كافة الأطراف، خاصة مع استمرار تأخر الشركات في سحب هذه الكميات. الحمل الثقيل على الصيادلة لا يجب أن يستمر، إذ إنهم الجبهة الأمامية في مواجهة هذه المشكلة التي تهدد الاستقرار المالي للصيدليات وأمان المرضى على حد سواء.

إن كان لديك اهتمام بمعرفة المزيد عن آليات الرقابة على السوق الدوائي يمكنك الاطلاع على مقالنا السابق حول دور هيئة الدواء في تنظيم سوق الدواء والذي يعرض تفاصيل مهمة من شأنها توضيح مسؤوليات الجهات المعنية وكيفية تحسين الجودة والالتزام.

في الوقت الراهن، يبقى الأمل معقودًا على استكمال مراحل مبادرة سحب الأدوية منتهية الصلاحية بنجاح، فتنفيذ الخطة كاملة يتطلب وعيًا مشتركًا ومسؤولية واضحة من شركات الدواء وصناع القرار للحفاظ على السوق من الانهيار، وبالتالي حماية صحة المستهلكين وضمان استدامة المهنة. متابعة تطورات هذه المبادرة وطرق تطبيقها ستشكل بلا شك مؤشرًا حيويًا على مدى قدرة القطاع الصحي والدوائي على تجاوز هذه العقبات وتوفير بيئة آمنة ومستقرة للجميع.

close