بسبب سندات “لينكرز” الكارثية، تواجه بريطانيا أزمة مالية حادة تُشبه الإفلاس الصامت، حيث تكشف تقارير حديثة أن تكاليف خدمة الدين العام ارتفعت بشكل مفاجئ لتتجاوز الإنفاق على التعليم والدفاع مجتمعين، ما يضع الاقتصاد البريطاني تحت ضغط متزايد وسط مخاوف من تفاقم الوضع مستقبلاً.
سندات “لينكرز” وتأثير التضخم ما بعد جائحة كورونا
بدأت أزمة سندات “لينكرز” في بريطانيا منذ عام 1981 حين قدمت كأداة مضمونة ضد التضخم لتطمئن الأسواق على استقرار الدين، إلا أن ارتفاع معدلات التضخم بعد جائحة كورونا ووصلها إلى 14.2% في 2022 أحدث تحوّلًا كبيرًا في التكلفة المالية لهذه السندات؛ إذ تحولت من أداة استقرار إلى عبء ضخم على الموازنة، حيث ارتفعت تكلفة خدمة الدين من 25 مليار جنيه إسترليني في 2020 إلى 105 مليارات جنيه في السنة المالية الأخيرة، وتُتوقع هذه النفقات أن تصل إلى 132 مليار جنيه بحلول عام 2030، وهي أرقام تفوق ميزانيات قطاعات حيوية كالتعليم والدفاع مجتمعين.
بسبب سندات “لينكرز” الكارثية.. الاعتماد المفرط على الديون المرتبطة بالتضخم وتأثيرها على الاقتصاد البريطاني
تُبرز البيانات أن سندات “لينكرز” شكّلت في 2022 حوالي 25% من إجمالي الدين العام في بريطانيا، مقارنة بـ12% في إيطاليا و7% في الولايات المتحدة وأقل من 5% في ألمانيا، مما يجعل بريطانيا الأكثر هشاشة في هذا الجانب ضمن دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية؛ حيث تصاعدت مدفوعات الفائدة بشكل أسرع من أي دولة أخرى، وهذا الاعتماد الكبير على الديون المرتبطة بالتضخم يزيد مخاطر استدامة الدين ويحد من قدرة الحكومة على توسيع الإنفاق أو تنفيذ سياسات مالية مرنة.
تحديات وزيرة المالية ومسؤولية مراقبة سندات “لينكرز” الكارثية
تواجه وزيرة المالية الجديدة رايتشل ريفز قيودًا صارمة في تنفيذ خططها وسط رقابة مشددة من المستثمرين المعروفين بـ”حراس السندات” الذين يراقبون بحذر أية تغييرات في سياسات الاقتراض، ويؤدي أي تلميح لتوسيع الإنفاق بدون دعم مالي كافٍ إلى زيادة فورية في عوائد السندات؛ وهو ما يزيد من تكلفة الاقتراض ويُعقّد تنفيذ السياسات المالية في حكومة بريطانيا العمالية الجديدة، وسط اتهامات بتجاهل الحكومات السابقة للتحذيرات التي صدرت بشأن الإفراط في إصدار سندات “لينكرز”، حيث أُجبر المجلس المالي العام على طرح خطة لتقليل الاعتماد عليها، لكنها جاءت متأخرة وبدون نتائج فورية.