التضخم أصبح من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري والدولي، ومن هنا جاء قرار البنك المركزي المصري بتثبيت سعر الفائدة، إذ يهدف إلى الحفاظ على استقرار الأسعار ودعم النمو الاقتصادي وسط مخاطر متعددة تحيط بالوضع العالمي والمحلي على حد سواء، مع التركيز على دور السياسة النقدية في مواجهة هذه التحديات وتأثيرها على الاقتصاد الوطني.
التضخم وتثبيت سعر الفائدة: قراءة في الأسواق العالمية
ما زالت حالة عدم اليقين تسيطر على النمو العالمي بسبب السياسات التجارية المتقلبة والتوترات الجيوسياسية التي تفرض واقعًا صعبًا على البنوك المركزية حول العالم، الأمر الذي يجعل هذه البنوك تتبع سياسات نقدية حذرة ومتوازنة وسط مخاطر التضخم واحتمالات تباطؤ النمو؛ كما شهدت أسعار النفط تقلبات حادة مدفوعة بعوامل العرض والطلب العالمية، إلى جانب تراجع طفيف في أسعار السلع الزراعية بدعم من الاتجاهات الموسمية، ولكن بقيت المخاطر قائمة المتعلقة بالتوترات الجيوسياسية والصدمات المناخية وتأثيرها المباشر على مسار التضخم مستقبلاً.
التضخم والنشاط الاقتصادي المحلي وتأثير تثبيت سعر الفائدة
توضح مؤشرات البنك المركزي استمرار تعافي النشاط الاقتصادي في مصر مع نمو مرتقب للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 4.8% خلال الربع الثاني من 2025 بما يعكس تعافيًا مستدامًا مقارنة بالربع نفسه من العام السابق، وتقلص تدريجي لفجوة الناتج مع توقع وصول الاقتصاد إلى طاقته الإنتاجية القصوى بحلول نهاية السنة المالية القادمة؛ ويسهم تثبيت سعر الفائدة في الحد من ضغوط التضخم من جانب الطلب، ويدعم الاستقرار النسبي في الأسعار كما يظهر تراجع معدل التضخم السنوي من 16.5% إلى 15.3% مع استمرار انخفاض المعدلات الأساسية في الأسواق، مما يعكس نجاح السياسة النقدية في إرساء توازن نسبي.
توقعات التضخم وأسباب تثبيت سعر الفائدة من البنك المركزي
تشير التوقعات إلى بقاء معدل التضخم العام السنوي عند معدلاته المرتفعة نسبيًا خلال الفترة المتبقية من 2025، قبل أن يستأنف مسار الانخفاض في عام 2026، مع الأخذ بعين الاعتبار تأثير تغيرات أسعار السلع غير الغذائية والإجراءات المالية الحكومية مثل تعديل أسعار الخدمات والضرائب؛ يوصي البنك المركزي بالتريث في خفض سعر الفائدة ليتيح امتصاص التغيرات التشريعية وتقييم النتائج الاقتصادية، وقد أجاب البنك على ذلك بتثبيت أسعار العائد الأساسية لدعم الاستقرار واستمرار انخفاض التضخم بشكل تدريجي مع الالتزام بمستهدفات التضخم التي تسعى إلى الوصول إلى 7% ±2 نقطة خلال الربع الأخير من 2026.