إحياء الدرب الأحمر: رحلة إلى رمضان القاهرة

يبدأ الموكب من عند القلعة، يتقدمه رجال يحملون مشاعل وعصي يؤدون حركات متنوعة، بينما يعزف الموسيقيون على آلات النفخ والطبول، وهم يمتطون الجمال والحمر. يسيرون في شوارع القاهرة الضيقة ليعلنوا عن ميلاد الهلال وبداية شهر رمضان. بعد قرون، في نفس المكان المسمى “باب الوزير”، يعلن التلفاز عن بداية الشهر الكريم، فيستعد محمد علي، صاحب مطعم “الفول والطعمية”، لاستقبال زبائنه في أول أيام رمضان.

المسار السياحي: جسر بين الماضي والحاضر

يقع مطعم محمد علي في قلب المسار السياحي بالدرب الأحمر، الذي يربط بين المباني التاريخية وأسواق الحرف اليدوية. تم تطوير هذا المسار بدعم من مؤسسة الأغاخان ووزارة السياحة والآثار والاتحاد الأوروبي. يمتد المسار لمسافة 2 كيلومتر، ويأخذ الزائر في رحلة عبر الزمن، حيث تظهر طقوس رمضان كما كانت منذ قرون.

طقوس رمضان: تراث حي

“يا أتباع أفضل خلق الله! صوموا، صوموا”، كان هذا الهتاف يتردد في شوارع القاهرة القديمة، معلنًا بداية الشهر الكريم. كانت الجوامع تُزين بالأنوار والمصابيح، ويملأ الناس الشوارع للسهر والغناء. سور القاهرة الفاطمية، الذي شُيد ثلاث مرات، يشهد على هذه التقاليد التي ما زالت حية حتى اليوم.

تجربة الزائر: رحلة عبر التاريخ

ليوناردو، زائر إيطالي، يعبر عن إعجابه بالمسار السياحي المنظم، قائلًا: “هذه المرة الأولى التي أزور فيها القاهرة بهذا التنظيم”. أكثر ما جذبه هو أجواء رمضان الفريدة، التي يصفها بأنها “غير موجودة إلا في مصر”. وزارة السياحة والآثار تعمل على تعزيز هذه التجربة من خلال حملة “مصر روحها في رمضان”.

الإفطار: لحظة سحرية

عند اقتراب ساعة الإفطار، تتحول القاهرة إلى مدينة مليئة بالحيوية. محمد علي، المعروف بـ”قطة”، يقف أمام مطعمه يوزع التمر والعصائر. مطعمه، الذي يقدم “الفول والطعمية”، تم تجديده كجزء من مشروع المسار السياحي، ليصبح وجهة للسياح والزوار.

الترميم: إحياء التراث

عبد الرحمن سمير، صاحب بقالة قديمة، يشعر بالامتنان لاختيار محله للتجديد. يقول: “غيروها من أولها إلى آخرها”. مشروع الترميم أعاد الحياة إلى العديد من المحال والمباني التاريخية، مما جعلها جذابة للزوار.

الحرف اليدوية: إرث متجدد

محمد الحداد، صانع التحف، يدرب الشباب على صناعة التحف والانتيكات، مستلهمًا من العمارة الإسلامية المحيطة. جامع المارداني، الذي تم ترميمه مؤخرًا، يعود إلى سابق عهده، ويجذب المصلين والزوار.

الفوانيس: رمز رمضاني

في شارع الخيامية، تكتظ الحارات بالفوانيس والزينة. أحمد جمعة، صانع الفوانيس، يتحدث عن تحولاته المهنية، من العمل اليدوي إلى المنتجات الجاهزة. يقول: “العمل اليدوي شاق ومكلف، لكنه يحمل قيمة كبيرة”.

نهاية الرحلة: عودة إلى الحاضر

ينتهي المسار عند باب زويلة، حيث يمكن للزائرين رؤية جميع المحطات السابقة. يعودون إلى نقطة البداية، وكأنهم يعودون من رحلة عبر الزمن. في حديقة الأزهر، يجتمع الأسر لتناول وجبة الإفطار، مستذكرين تقاليد أجدادهم.

مصادر المعلومات التاريخية

  • المستشرق الإنجليزي إدوارد وليام لين: “عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم” (1833-1835).
  • توثيق علماء الحملة الفرنسية في مصر (1798-1801).
  • موقع مسار الدرب الأحمر.

اقرأ أيضًا

“إحنا المرسومين على الجنيه”.. مدينة الموتى تعود إلى الحياة.

close